الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

ما يجب ان تعرفه عن الاسد الاب

انَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴿١٠٥﴾ سورة النساء
لايختلف عاقلان مخلصان من أبناء الأمة العربية المجيدة حاملة لواء رسالة الإسلام الخالدة على خيانة حافظ أسد الرعديد الهالك المقبور على ضوء تسليمه هضبة الجولان قلب بلاد الشام النابض إلى الكيان الصهيوني الغاصب على طبق من ذهب لا من فضة في حزيران – يونيو من العام 1967 بعد أصدراه القرار الشهير لقوات الجيش العربي السوري بالانسحاب منها كيفيا !!! حينما كان يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع إلى جانب قيادته لسلاح الجو حينئذ ، لكن قلة قليلة جدا من الناس تلك التي تعرف اسم باروخ مزراحي ضابط التنسيق و الارتباط في جهاز الموساد ، الذي كلف من قبل حكام تل ابيب بلعب دورة حلقة الاتصال و همز الوصل مع رئيس النظام السوري السابق .

باروخ زكي مزراحي اسم لم يحظ بشهرة زميله في عالم الجاسوسية ابلي كوهين الذي لقي حتفه في دمشق الفيحاء في أواسط الستينات من القرن الماضي ، رغم تواجده في ذات الفترة فوق التراب الوطني السوري للقيام بمهمة سرية أكثر خطورة على ما يبدو من تلك التي اضطلع بها كوهين ، فقد بقيت تفاصيلها حبيسة إدراج دوائر والاستخبارات في الدويلة العبرية المسخ لعقود طويلة من الزمن ، ولم يكشف النقاب حتى وقتنا الحاضر إلا عن النزر اليسير منها بدءا من العام 1989 .

أول اعتراف واضح وصريح من قبل الصهاينة بوجود مزراحي في سوريا جاء في كتاب " جواسيس الموساد – تاريخ و جغرافيا " الصادر باللغة الانجليزية بلندن سنة 1989 ، و المترجم إلى العربية من قبل دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان بعد ذلك بعامين سنة 1991 ، حيث أورد مؤلفاه " يوسي ميلمان و دان رافيف " ما يلي بهذا الخصوص : - " حكم على أيلي كوهين بالإعدام بعد محاكمة صورية ، و قام مستجوبوه بتعذيبه دون رحمة الا ان كوهين لم ينهار و شنق في 18 – 5 – 1965 ، و تعلم مائير عاميت رئيس الموساد آنذاك من ذلك درسا ، فأن على إسرائيل من ذلك الوقت فصاعدا ان تبذل قصارى جهدها للحفاظ على جواسيسها من الأسر فقد كان باروخ مزراحي في سوريا في مهمة للموساد ، و كان يعمل مديرا لمدرسة لغات أجنبية ، و في الوقت الذي القي القبض فيه على زميله ، أمره مشغلوه بمغادرة سوريا فورا وأرسل فيما بعد الى اليمن لرصد القوات المصرية التي كانت لاتزال متورطة في الحرب الأهلية هناك ، و لإرسال تقارير عن حركة السفن و الملاحة من و إلى البحر الأحمر ، و أعلنت السلطات اليمنية في شهر أيار مايو 1972 إلقاء القبض عليه ، و عن ان القوات المصرية كانت قد انسحبت من اليمن وقتئذ إلا أن اليمن قامت بإرساله الى القاهرة حيث اتهم بالتجسس لصالح " إسرائيل " لكن الأمور لم تكن سيئة بالنسبة له فقد أرسل إلى بلاده في شهر آذار مارس سنة 1974 في عملية تبادل للأسرى مقابل اثنين من عرب 1948 اللذان كانا يتجسسان لحساب الاستخبارات المصرية ".
مدرسة الإخوة المريميين المعروفة ب " دي لاسال الفرير " هي منشأة تعليمية مشهورة بدمشق لتعليم أبناء النخبة من العائلات السورية ، و هي المدرسة ذاتها التي تلقى فيها أبناء حافظ أسد الذكور ( باسل وبشار و ماهر و مجد ) تعليمهم بحسب مؤلف كتاب " وراثة سوريا – اختبار بشار بالنار " فلاينت ليفريت الصادر باللغة الانجليزية عن مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجزبالولايات المتحدة الأمريكية و المترجم إلى العربية من قبل الدكتور عماد فوزي الشعيبي رئيس مركز المعطيات للدراسات الإستراتيجية في دمشق و أحد أزلام العصابة الحاكمة فيها و المنشور من قبل الدار العربية للعلوم و النشر في بيروت سنة 2005 ، فأن هذه المدرسة المرموقة أسسها الإخوة الرهبان الفرنسيسكانيون أتناء الانتداب الفرنسي ، و دائما و بالاستناد إلى المصدر السابق الأنف الذكر" فقد استولت عليها الحكومة السورية في سني الستينات من القرن العشرين و حولتها إلى مدرسة نصف عامة للأولاد بمعنى أنها تتقاضى رسوم التعليم و أجوره حتى و لو كانت عامة "

المفارقة العجيبة الغريبة أن السيرة الذاتية باروخ مزراحي جاسوس الموساد الصهيوني اشتملت أيضا على دراسته في فرع هذه المدرسة الكائن في العاصمة المصرية القاهرة حيث ولد مزراحي ، كما أفاد بذلك تقرير صحفي خاص بجريدة الخليج الإماراتية في عددها الصادر بتاريخ 9 – 1 2009 ، حيث نطالع في هذه الصحيفة ما يلي : - " في العام 1933 كان باروخ تلميذا في صغيرا يدرس العربية و الانجليزية و الفرنسية في مدرسة الفرير ، التي كانت تضم طلبة معظمهم مسيحيون ، و القلة منهم يهود و مسلمون حيث كان عمره آنذاك سنوات ، و أبوه أحد التجار و كان صاحب محل دخان في شارع كلوت بك " ، مصادر صحفية مصرية متطابقة أكدت بالمقابل أتمام مزراحي دراسته الثانوية و حصوله على شهادة التوجيهي في القسم الأدبي من المدرسة عينها سنة 1944 و المعروفة كذلك بأسم القديس يوسف ، و هذه حقيقة لا يمكن إغفالها أو تجاهلها في معرض بحثنا الحثيث عن مدرسة اللغات الأجنبية التي عمل فيها ضابط الاستخبارات الإسرائيلي هذا في سوريا ، لاسيما أن الصهاينة لم يفشوا أسمها حتى وقت كتابة هذه السطور، ومما لا ريب فيه أن سيرة باروخ مزراحي الذاتية كما مهاراته اللغوية لم تكن غائبة بدورها عن مسئولي جهاز الموساد الحريصين على اختيار الرجل المؤهل للقيام بالمهمة المناسبة لقدراته و إمكانياته ، فإجادة العربية إلى جانب الفرنسية و الانجليزية جعلت ( ب . م ) كما يرمز إلى مزراحي في الشيفرة الكودية عنصرا كفؤا بامتياز لشغل وظيفة معلم بل وحتى إداري إن تطلب الأمر في مدرسة " الإخوة " الفرير، إن قاسما مشتركا كهذا بين باروخ و أسرة حافظ أسد يستحق منا بالغ الاهتمام خاصة إذا علمنا أن المسارين الأكاديمي و المهني لأبناء الأسد الهالك قد رسم بحذافيره و أدق تفاصيله في أروقة مخابرات العدو الصهيوني .

تدخل الموساد المباشر في صميم حياة الرئيس السوري المقبور نستشفه من استشهاد فلاينت ليفريت المحلل الأول السابق للشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ( السي أي إيه ) بمسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات الإسرائيلية في معرض تعليقه عن اختيار بشار لدراسة مهنة الطب ، حيث نقرأ في كتابه الفقرة التالية : - " حظي قرار بشار لاختيار مهنة الطب بنوع فريد من استحسان الوالدين بلا شك ، حيث أشار مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات الإسرائيلية للمؤلف ( ليفريت ) أن اختيار بشار لمهنة الطب يعكس نمطا تقليديا للاختيار المهني ضمن العائلات السامية سواءا أكانت عربية أم يهودية بحيث بحيث يتهيأ الابن الأكبر لإدارة أعمال العائلة ( حتى و لو كان العمل حكم البلاد ) ويتبع الابن الثاني مهنة علمية ( الطب أو القانون ) و يحصل الابن الثالث على وظيفة حكومية مؤمنة ( كمهنة ماهر في الجيش ) و ربما يكون الابن الرابع شخصا متبطلا عديم النفع كما هو حال مجد الأسد ( حيث كانت هنالك شائعات على مدى سنوات حول أن مجد النجل الأصغر لحافظ يعاني من مشاكل سوء استخدام العقاقير و مرض عقلي و ربما يكون قد تلقى علاجا لهذه في المشاكل في ألمانيا ) علما بأن مجد قد توفي بعد صدور هذا الكتاب بأربع سنوات أواخر العام 2009 .

حقا إنه سؤال محير برسم الإجابة لذوي العقول النيرة و الضمائر الحية يراود المرء عند قراءته لما تقدم ، ما الذي حمل فلاينت ليفريت هذا المسؤول المرموق في إدارة بوش الصغير للاستعانة بمسؤول رفيع المستوى في الموساد لتسويغ وتبرير قرار بشار- هذا إن كان له قرار أصلا – في دراسة الطب و استعراض الحيثيات المتعلقة بذلك ؟!!! و الأدهى و الأمر منذ متى كان الصهاينة الذين مارسوا ابتزازا رخيصا بحق كل سياسي غربي يجرؤ على انتقادهم بحجة معاداة السامية يعترفون و يقرون بالأصول السامية المشتركة للعرب و اليهود !!!؟
نسج باروخ مزراحي شبكة من العلاقات المتشعبة مع العديد من الشخصيات السورية المدينة منها و العسكرية و التي ستلعب دورا محوريا في مسيرة حافظ أسد الصهيونية الخيانية على مدار سنوات طويلة قضاها في خدمة اسياده الصهاينة ، بل ان بعضها سيواكب نجله و خليفته بشار اقله في المراحل الاولى من رئاسته الحافلة بالاحداث الجسام في مسيرة عرين العروبة المبتلى بجواسيس و عملاء حكام تل أبيب القتلة المجرمين مصاصي دماء البشرية و الانسانية جمعاء .

عاد مزراحي بعد نكسة يونيو \ حزيران 1967 الى الأراضي السورية مجددا ليحط رحاله هذه المرة في حلب الشهباء ثاني مدن مدن القطر العربي السوري ، وفي هذه المدينة الشمالية الكبيرة واصل ضابط الموساد مسلسله الاجرامي عبر مهمته الثانية من نوعها ، كما أكدت مصادر صحفية موثوقة غربية وصهيونية على حد سواء ففي كتاب " حروب اسرائيل السرية " للصحفي البريطاني ايان بلاك و المؤرخ الاكاديمي " الاسرائيلي " بني موريس الصادر في لندن باللغة الانجليزية سنة 1991 و المترجم الى العربية من قبل الدار الاهلية للتوزيع و النشر في عمان \ الاردن في العام نفسه نقرأ ما يلي : - " لم تهمل المخابرات الاسرائيلية متابعة نشاطها ضد منظمة التحرير الفلسطينية في الشرق الاوسط ، و يمكن ان نورد قصة الاسرائيلي باروخ مزراحي – مصري المولد – وسبق له العمل تحت ستار مدرس في مدينة حلب بسوريا – ثم ارسل الى شمال اليمن في اوئل سنة 1970 لمراقبة انشطة الفلسطينيين هناك " .

و استنادا الى المصدر السابق ذاته فأن مزراحي قد تم القاء القبض عليه في ميناء الحديدة الى الشمال الغربي من صنعاء عاصمة ما كان يعرف حينها باسم الجمهورية العربية اليمنية في شهر ايار \ مايو 1972 بينما كان يلتقط صورا فوتوغرافية مدعيا و زاعما انه رجل اعمال مغربي ، حيث قامت السلطات هناك بتسليمه الى المخابرات المصرية في القاهرة حيث قضى فترة من الزمن لم تتجاوز السنتين ، قبل ان يتم اطلاق سراحه عند توقيع اتفاقية لتبادل الجواسيس و اسرى الحرب بين مصر و الكيان الصهيوني .

وكما اكدنا سابقا فأن المدرسة المشار اليها على الارجح هي " دي لاسال الفرير " او الاخوة المريميين " لكن هذه المرة في الشهباء و ليس في العاصمة دمشق فيحاء ، فمن هم ابرز الوجوه الاجتماعية التي تسنى لمزراحي معرفتها و توطيد دعائم علاقته معها في تلك الحقبة ؟ اليكم بعض هذه الاسماء ، الدكتور محمد زهير مشارقة نائب رئيس الجمهورية السابق ، العماد حكمت الشهابي رئيس هيئة الاركان الاسبق وكلاهما جمع ثروة مائلية طائلة حتى اصبحا من اثرى اثرياء المدينة ذات القاعدة الاقتصادية الحيوية ، و التي ما كان لهما ان يجينياها الا نظيرا لخيانتهما و لقاء العمالة المدفوعة الاجر ، و لعله من المضحك المبكي ان نجد شخصا مثل العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق و كلب حافظ الوفي يكيل الاتهام جهارا نهارا للشهابي بالعمالة لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية " السي اي ايه " في حديث متلفز ادلى به في صيف العام 2009 لقناة روسيا اليوم وهذا التسجيل موجود على اليوتيوب
، ثم ينبري احدى مسؤولي العصابة الحاكمة في دمشق للدفاع عنه واصف اياه " بالرجل الوطني الذي لم يضع يده يوما في يد اعداء سوريا " و العكس هو الصحيح تماما .

لعله من مسلمات الامور و بديهياتها القول ان الطريق الى واشنطن يمر بتل ابيب ، و من السخف بما كان الاعتقاد ان العمالة للمخابرات المركزية الامريكية تتعارض او تتناقض باي حال من الاحوال مع التعامل مع الموساد في ظل التعاون الاستراتيجي القائم بين الجهازين منذ امد بعيد وفي ظل الهيمنة الصهيونية على مراكز صنع القرار في واشنطن على نحو لايمكن انكاره ، بحيث اصبحت طريق الشهابي الى قلب الدوائر الامنية الامريكية سالكة بسهولة لا تتيسر لمن هب ودب ، و رغم كل المحاولات الاعلامية المحمومة للتغطية على علاقة الشهابي بأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية و محاولات تلميع صورته فان هذا الوغد الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السورية بعيد ما عرف باسم الحركة التصحيحية في تشرين ثاني \ نوفمبر1970 و حتى العام 1974 سيلعب دورا حاسما في عدة جرائم مروعة خلال تلك المرحلة ، و تبقى جريمة اغتيال الشهيد البطل عبد الرحمن البرادعي الضابط في استخبارات جيش التحرير الفلسطيني في شهر ايلول \ سبتمبر من العام 1971 في لبنان على خلفية تعاونه مع المخابرات العراقية و تقديمه لها ملفا مفصلا عن خيانة شريحة عليا في قيادة هذا الجيش صفحة مخزية لا يمكن محوها بسهولة من سجل الشهابي الاسود .
العماد رئيس هيئة الأركان كان الرجل الثاني فعليا في نظام دمشق ومرشحا قويا لخلافة الأسد الأب في سدة الحكم ، هذا ما يقوله على الأقل فلاينت ليفريت في كتابه المشار إليه سابقا " وراثة سوريا – اختبار بشار بالنار " : - ( الشهابي الذي كان يصف نفسه في لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين و الأجانب على انه الرجل الثاني الأقوى في سوريا ، كان ولغاية صعود بشار يعتبر على نطاق واسع داخل و خارج سوريا سورية الخليفة المحتمل للأسد)
خلافا لما أشيع عنه فأن العماد حكمت لم يكن مجرد واجهة شكلية صورية سنية في قيادة الجيش العربي السوري وظلا باهتا و دمية بيد نائبه على أصلان المتحدر من الطائفة العلوية كما حاول بعض الكتاب و الصحفيون تصويره خلال ما يربو من ربع قرن قضاها رئيسا لهيئة الأركان العامة ، قبل أن يتقاعد من منصبه هذا في صيف العام 1998 ، في وقت بدا خلاله أن قرارا نهائيا حاسما قد تم اتخاذه في تل أبيب لتكريس و ترسيخ الطابع الطائفي الضيق و العائلي المغلق للعصابة الحاكمة في الفيحاء الشامية ، عبر توريث بشار منصب أبيه . 
طلاقة الشهابي و إتقانه للحديث و اعتزازه بنفسه وقوة شخصيته جعلت منه محل ثقة و موضع احترام في دوائر الحكم السوري على نحو أهله للعب ادوار بطولة رئيسة في بلاد الأرز المحاذية لسوريا كما يقول كريم بقرادوني رئيس حزب الكتائب اللبنانية مؤلف كتاب " لعنة وطن – من حرب لبنان إلى حرب الخليج " في طبعته الجديدة الصادرة عن شركة المطبوعات للتوزيع و النشر في بيروت سنة 2009 : - ( أوفد حافظ الأسد إلى بيروت – سنة 1975 بعد اندلاع الحرب الأهلية – عبد الحليم خدام و اللواء ناجي جميل نائب وزير الدفاع و قائد القوات الجوية ، و اللواء حكمت الشهابي رئيس هيئة الأركان ، الذين سيؤلفون بالإضافة إلى العقداء على دوبا و محمد الخولي و علي المدني الطاقم السوري المختص الذي سيتابع الأزمة اللبنانية ، و بدأت دمشق وساطة سياسية بانتظار تدخلها العسكري ) .
غطرسة وعجرفة سفاح حلب الشهباء تجلت في عديد من المناسبات ، لكنها ظهرت صارخة في حوار دار بينه و بين كمال جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني بدا وكأنه استجواب بكل ما تحويه الكلمة حرفيا من معنى كما نقل ذلك صلاح خلف " أبو إياد " القيادي البارز في حركة فتح الفلسطينية في الطبعة الثانية من مذكراته المترجمة من الفرنسية إلى العربية و الصادرة عن " دار الجليل للنشر و الدارسات و الأبحاث الفلسطينية " في عمان سنة 1996 تحت عنوان " فلسطيني بلا هوية " إذ يقول : - ( و في هذه الأثناء و في التاسع من آذار \ مارس 1976 بالتحديد عقد بحضوري – أبو إياد – اجتماع صاخب بين وفد رسمي جاء من دمشق بقيادة عبد الحليم خدام و بين ممثلي الحركة الوطنية اللبنانية و على رأسهم كمال جنبلاط ، و كان رئيس الأركان السوري اللواء حكمت الشهابي بادي الغضب متيبسا في بزته العسكرية ، متجهم الوجه ، ثم راح يخضع كمال جنبلاط لاستجواب حقيقي و يطرح عليه أسئلة عدوانية و يسجل الأجوبة على دفتر صغير " هل تؤيدون الخائن أحمد الخطيب – قائد جيش لبنان العربي – " ؟ فكان الزعيم الاشتراكي يجيبه و هو الرجل المرهف الذي يستخدم كثير من التلاوين في تعابيره و بنفس اللهجة " الخطيب وطني كبير بل مفخرة قومية أما المسؤول عن تفكك الجيش اللبناني فهو نظام سليمان فرنجية الفاسد الذي تدعمونه " و ظل عنف الكلام إلى تصاعد ) .
عام واحد بعد هذا الحوار الساخن الملتهب ، و في 16 – 3 – 1976 سيلقى كمال جنبلاط الزعيم الدرزي اللبناني حتفه في عملية اغتيال تمت في منطقة الشوف بجبل لبنان قرب حاجز عسكري سوري ، و وجهت أصابع الاتهام إلى حكام دمشق و أجهزة استخباراتهم العسكرية ، و لم يكن حمكت الشهابي بمنأى عن عن هذه الاتهامات ، لاسيما و أن الرجل قد عرف بتاريخه الأسود الدامي على هذا الصعيد كما يقول الفريق الركن عبد الرزاق اليحيى في مذكراته المشار إليها في حلقة سابقة تحت عنوان " بين العسكرية والسياسة – ذكريات " متحدثا عن محاولة انقلابية وصراع داخل جيش التحرير الفلسطيني دار سنة 1971 ودور حكت الشهابي في هذا الأمر حيث نقرأ : - ( كنت اعرف أن لعثمان حداد – ضابط رفيع المستوى في جيش التحرير الفلسطيني – صلة بمدير المخابرات العسكرية السورية حكمت الشهابي الذي كان يقف وراء حركته الانقلابية ، ففي اليوم الذي تلا لقائي بحداد اتصل بي الشهابي نفسه و طلب إلي أن أجيء إلى مكتبه فذهبت إليه ،
و لم تكن علاقتي مع هذا المسؤول عن المخابرات السورية ودية ، وقد سبق أن نشأت مشكلة وترت جو علاقتنا وكادت تنتهي بقطيعة دائمة بيننا ، حدث هذا بعد أن أطلق ملثمون النار على قافلة سيارات لجيشنا قادمة من بيروت ، وأصابوا احد السائقين ،و لأني تيقنت من أن الملثمين تابعون للشهابي فقد ذهبت للقائه محتجا ، ودار بيننا حوار متوتر ، و بلغ مسؤول المخابرات حد توجيه التهديد لي ، و أقر الشهابي لاحقا بأن الملثمين كانوا على صلة بمخابراته ) 
.(وقد نشرت مقالا مفصلا حول هذه الجريمة في هذه الصفحة لمن يريد المتابعة)
لقد اعتاد حكمت الشهابي على كيل الاتهامات جزافا بالخيانة والعمالة لأعداء نظامه ، و قد أن الأوان ليذوق الشهابي و يتجرع من مرارة ذات الكأس التي سقاها لخصومه ، فالسحر لابد له من أن ينقلب يوما على الساحر وكما قال رب العزة و الجلال في محكم تنزيله " و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين " ( سورة آل عمران – الآية 54 ) .
هذا بعجالة عن ناجي جميل
تعالوا نقراء في شخصية ثانية في محاولة رسم لوحة فسيفسائية عن هذا الحكم الاسدي 
يوسف الصايغ طيبي حافظ الاسد الخاص 
تعد زيارة حافظ أسد إلى العاصمة البريطانية لندن في أواسط العام 1965 م إحدى أهم المحطات التاريخية في حياته الشخصية ، ومازالت هذه الزيارة حتى وقتنا الحاضر محل جدل واسع النطاق بين الباحثين في سيرة الأسد الأب لما رافقاها من ملابسات أحيطت بكثير من السرية و الكتمان حتى وقتنا الحاضر ، لاسيما في ظل الغموض الذي رافق اختفاء قائد سلاح الطيران السوري في حينه عن أنظار مرافقيه لفترة زمنية قدرت بثمانية وأربعين ساعة بحسب الإفادة التي قدمها الرئيس السوري الأسبق اللواء محمد أمين الحافظ في الحلقة الرابعة عشر من برنامج شاهد على العصر التي بثتها قناة الجزيرة الفضائية القطرية مسجلة معه بتاريخ 25 – 6 – 2001 م .

اللافت للانتباه أن يوسف الصايغ 
كان مرافقا لحافظ في تلك الزيارة إلى جانب كل من ناجي جميل أحد كبار ضباط سلاح الطيران عندها والذي سيغل لاحقا منصب قائد هذا السلاح ناهيك عن الدفاع الجوي
و آمر الشرطة العسكرية حسين ملحم كما يقول مؤلف كتاب " الأسد الصراع على الشرق الأوسط " الصحافي البريطاني الجنسية باتريك سيل والمصنف في قائمة المتعاطفين مع نظام الشبيحة الحاكم في دمشق ، ويقول محمد حسنين هيكل الكاتب والصحفي العربي الشهير ووزير الإرشاد والتوجيه القومي في عهد المقبور المصري الديكتاتور جمال عبد الناصر في الفصل الأخير من كتابه المعنون ب " كلام في السياسة – قضايا ورجال : وجهات نظر " ( مع بدايات القرن الواحد والعشرين ) عن سيل انه يهودي الديانة ولد في حلب الشهباء ومتزوج من سيدة سورية الجنسية هي رنا قباني ابنة أخ السفير والشاعر المشهور نزار قباني .

أن أكثر ما يشد الانتباه فيما يخص هذه الرحلة الشخصية التي استغرقت ثلاثة أشهر إلى مدينة الضباب هو نفي سيل بأن تكون دوافع الأسد للقيام بها علاجية صرفة رغم أن هذا هو السبب الذي حصل من اجله حافظ على إجازة رسمية من جهة عمله زاعما انه يود تلقي العلاج لألم في ظهره وفي رقبته نتج عن حادثة هبوط اضطراري تعرض لها عندما طيارا متدربا، كما ورد في الطبعة الحادية عشرة من الكتاب المشار إليه أعلاه والصادرة باللغة العربية في بيروت عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر سنة 2010 م .


اختفاء الأسد الأب وتواريه عن الأنظار لمدة زمنية قصرت أو طولت يدفعنا إلى التساؤل عن الوجهة التي قصدها في تلك الآونة التي نرجح أنها كانت أطول من اليومين الاثنين كما ذكر اللواء أمين الحافظ ، وان كان الرجل قد انتهز الفرصة للاتصال بمسؤولين في أجهزة الاستخبارات الصهيونية إن لم يكن قد فعلها وذهب إلى تل أبيب في زيارة خاطفة إلى فلسطين المحتلة تم الإعداد والترتيب لها مسبقا بعد فترة وجيزة من مغادرة جاسوس الموساد الصهيوني باروخ مزراحي للأراضي السورية في العام ذاته ( 1965) عد انتهاء مهمته الأولى فوقها .
تداعيات زيارة الأسد إلى لندن وأصداؤها جاءت كبيرة و مدوية إلى درجة أن مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي الأستاذ الشوفيني ميشيل عفلق وجه أصابع الاتهام ضمنيا إلى حافظ أسد بالخيانة والعمالة في اجتماع عاصف للقيادة القومية للحزب عقد في التاسع عشر من كانون الأول \ ديسمبر من العام 1965 الذي كان حافظ قد انتخب لتوه عضوا فيها ممثلا للجنة العسكرية السرية غير الشرعية خلال المؤتمر القومي الثامن الذي عقد قبل ذلك التاريخ بسبعة أشهر تقريبا في أيار \ مايو من العام نفسه ، وهو ما كشف الأستاذ عفلق النقاب عنه في كلمة ألقاها أمام فرع أطرف دمشق في حزب البعث بتاريخ 18- 1 – 1966 م والمعنونة في كتاب سبيل البعث تحت عنوان النضال ضد تشويه الحزب حيث يقول : - " يستغرب بعض الرفاق من عبارة وردت في كلمتي في القيادة القومية أن يدا أجنبية قد امتدت إلى هذا الحزب ، فلنحكم ضمائرنا أن من غير المعقول أن يزيف الحزب إلى هذا الحد بأيد عربية ، لقد تبدلت صورة هذا الحزب و تبدلت نفسية أعضائه وتبدلت معالمه بل بدلت وفق مخططات وتصميم وعمل دائب وزيادة في الإجرام بحق الأمة العربية احتفظ باسم الحزب ، كيف نصدق بأن هذا هو حزب البعث وبأنه لم يشوه ولم توضع المخططات لتبديله لا كرها بالقادة وإنما بناءا على خطة جهنمية لضرب قضية الشعب العربي وهذا هو هدف الاستعمار ، لقد تسرب الأعداء إلى حزبنا ونفذوا إليه ؟ " ملاحظة ( تم نقل هذا الاقتباس بتصرف ) لخشية الاطالة

الاستعمار اطل برأسه خلال زيارة الأسد إلى المملكة المتحدة عبر لقائه بوزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية جورج طومسون كما يقول باتريك سيل 
(هذا ان اعتبرنا ان الحزب ومؤسسه وطنيا وليس ولم يتم طبخته في المطائخ الفرنسية عندما كان عفلق فيها)
وهو لقاء عقد رغم أن هذه الزيارة لا تحمل أي صفة رسمية ، و المستغرب والعجيب في هذا الأمر حقا أن طومسون لم يكن في وقتها يشغل هذا المنصب الرسمي الرفيع في حكومة السيد هارولد ويسلون بل كان يشغله السيد مايكل ستيوارت كما تفيد بذلك الوثائق الرسمية البريطانية العائدة لتلك الحقبة التاريخية الهامة ، وسنلاحظ لاحقا أن جميع الكتب الثلاث الصادرة باللغة الانجليزية و التي تحدثت عن باروخ مزراحي ضابط التنسيق والارتباط الصهيوني مع حافظ أسد قد صدرت في المدينة عينها أي العاصمة البريطانية لندن !!!

على أية حال فأن ما يعزز الاعتقاد والانطباع السائد لدينا عن اغتنام حافظ أسد لتلك الفرصة السانحة وذهابه إلى الكيان الصهيوني للالتقاء بمسؤولي الموساد هو أن احد مرافقيه و هو طبيبه الشخصي يوسف الصايغ قد قام هو نفسه بزيارة الكيان الصهيوني في العام 1980 عبر الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تقع تصفيته في العاشر من كانون الأول \ ديسمبر من العام ذاته على يد مجموعة ادعت انتسابها إلى الطليعة الإسلامية المقاتلة الذراع العسكري الضاربة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا بحجة انه حلقة وهمزة الوصل بين زعيم العصابة الأسدية و وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كما أفادت بذلك مجلة النصر لسان حال الطليعة في عددها الصادر في شهر كانون ثاني \ يناير 1981 ، بيد أن تقريرا صحفيا أخر أوردته مجلة الشراع اللبنانية لاحقا اتهم أجهزة أمن واستخبارات النظام الاسدي باغتيال الصايغ .وذلك لملمة هذه الفضيحة باسلوب مخابراتي 
اتهام الشراع للنظام بقتل يوسف الصايغ استند إلى ورايات شهود عيان من قلب سوريا أكدوا أن هذا الأمر قد تم على خلفية اكتشاف ( الكي جي بي ) جهاز الاستخبارات السوفيتي آنذاك أمر زيارة الصايغ لفلسطين المحتلة وإعلامها للسلطات السورية بذلك التي سارعت إلى تصفيته لطمس الحقائق المتعلقة بخلفية هذه الرحلة السرية الخاطفة ، والتي نرجح أنها كانت متصلة بتقديم تقرير شامل و مفصل عن الحالة الصحية لرئيس النظام حافظ أسد إلى الجهات المعنية بذلك في الكيان الصهيوني قبل 3 سنوات فقط من إصابته بأزمة قلبية تضاربت التقارير الصحفية المتسربة حينها في أواخر العام 1983 حول مدى خطورتها وشدتها ، ناهيك عن رغبة العصابة العميلة في دمشق بحشد التأييد لها بين أوساط المواطنين السوريين المسيحيين الذين ينتمي إليهم الدكتور الصايغ عبر بث مشاعر الخوف لديهم من نظرائهم المسلمين ودق إسفين بين الطرفين عبر نسب هذا العمل إلى جماعات أصولية متطرفة وعلى اي حال الجريمة ح
ثت وهي تصب في مصلحة النظام فمن الفاعل هذا بعلم الله والفاعل والذي اوعز اليه

الاعتبارات والإبعاد التي حكمت قرار أجهزة نظام الخيانة بإنهاء حياة الدكتور الصايغ كثيرة ومعقدة ومتشابكة مع بعضها البعض إلى ابعد الحدود 

ناجي جميل
اللواء ناجي جميل نائب وزير الدفاع وقائد القوات الجوية السورية الاسبق .

شهد شهر آذار\ مارس من العام 1978 تقلبات دراماتيكية مفاجئة في المسيرة المهنية لشخص هذا القائد العسكري الذائع الصيت بين اوساط العصابة الاسدية الحاكمة في سوريا ، فقد تناقلت المصادر الصحفية في العاصمة السورية دمشق حينها انباءا مفادها أن اللواء ناجي جميل هو احد المرشحين بقوة لشغل منصب رئاسة الوزراء خلفا للواء عبد الرحمن خليفاوي الحلبي المولد الجزائري الاصل والذي قدم استقالته من منصبه ليفسح المجال أمام تشكيل حكومة جديدة ، بيد ان هذا الشهر لم تغرب شمسه قبل صدور مرسوم جمهوري يتم بموجبه اعفاء جميل من منصبه على نحو أثار دهشة بعض المراقبين والتساؤلات عن خلفيات هذا القرار غير المتوقع لدى آخرين منهم .

أثار القرار الرئاسي لغطا كبيرا وحادا لدى الرأي العام المحلي ، وحرصت اجهزة أمن واستخبارات النظام جريا على عادتها بأغراق الشارع السوري بسيل من الأشاعات المضللة حول أسباب ودوافع هذه الخطوة ، وبدا واضحا وجليا أن السلطة الحاكمة تدفع بأتجاه اعطاء ابعاد طائفية غير حقيقية اطلاقا لما حدث عبر الترويج لرواية وهمية مفادها أن رفيق حافظ أسد المخلص قد تجرأ على القول في احد مجالس النظام الداخلية وعلى الملأ أنهم مثلما صنعوا الاسد فأنهم قادرون على خلعه أو تغييره ، فحتى باتريك سيل الصحفي البريطاني المقرب من النظام الحاكم في سوريا لم يجد حرجا في وصف هذه الواقعة بالاشاعة .

أيا كانت مبررات ومسوغات قرار الاعفاء فأن ماكينة الكذب الأسدية الرهيبة نجحت في تقديم ناجي جميل الى شريحة واسعة من أبناء المجتمع السوري باعتباره حرا متمردا على " الطغمة العلوية الحاكمة " فيما اضحى لدى فئة أخرى رمزا " للحقد السني "والكراهية ونكران الجميل ، بل واكثر من ذلك شماعة يعلق على مشجبها ما حدث من اغتيالات وتصفيات طالت رموزا تقدمية وقيادات عسكرية بارزة معروفة من ابناء الطائفة العلوية في اعقاب التدخل العسكري السوري في لبنان المجاور ، وبالمحصلة الاجمالية فقد افلح النظام المتصهين في تعميق حالة التباين والانقسام في الرؤى والمواقف لدى ابناء الشعب العربي الواحد في بلاد أراد لها اعداء العروبة والاسلام ألا تحظى بوحدة وطنية صلبة قوية تمكنها من النهوض بدورها وواجبها الديني المقدس في تحرير فلسطين السليبة المغتصبة .

فرق تسد سياسة استعمارية بغيضة طبقها الاسد الاب بحذافيرها في داخل القطر العربي السوري في اعقاب مغامرته العسكرية الدموية غيرالحميدة التي قام بها في العام 1976 م داخل بلاد الارز الجارة الغربية لسوريا ولم يكن اعفاء جميل الا حلقة صغيرة في هذا المسلسل الاجرامي طويل المدى ، فقد بلغت المعارضة الداخلية للنظام أوجها بين السواد الاعظم من ابناء الشعب بل حتى في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي بجناحيه المدني والعسكري كما يقول الدكتور نيقولاس فان دام الديبلوماسي في وزارة الخارجية الهولندية في كتابه الشهير " الصراع على السلطة في سوريا – الطائفية والاقليمية والعشائرية 1961 – 1995 " في طبعته الثانية الصادرة باللغة العربية عن مكتبة مدبولي في القاهرة في شهرحزيران \ يونيو من العام 1995 م حيث نقرأ له ما يلي : - " كان لتدخل الاسد في المعارك اللبنانية تأثير مزعج على وضعه داخل البلاد ، فقد أرتفعت الاصوات المعارضة القوية ضد تدخله في لبنان ، وبعد اكتشاف واحباط مؤمرات لاسقاط النظام القائم ذكر أن هناك العديد من الاعتقالات قد تمت داخل القوات المسلحة والجهاز المدني لحزب البعث "
لم يتردد سفاح قاسيون الهالك المقبور من اللجوء الى استراتيجية خلط الاوراق على الساحة السورية عبر اللجوء الى سلسلة من الاغتيالات المدبرة بعناية بين اوساط اعضاء بارزين في صفوف البعث من ابناء الطائفة العلوية على وجه الخصوص بغية اثارة انقسامات طائفية حادة مماثلة لتلك التي تعصف بالساحة اللبنانية ضمن اطار مخطط اوسع وأقذر رسمه للمنطقة العربية برمتها عراب السياسية الخارجية الامريكية الصهيونية ومستشار الامن القومي للبيت الابيض هنري كيسنجر .

من ابرز الاسماء التي طاولها مسلسل الاغتيالات والتصفيات أنذاك استنادا الى د . بشير زين العابدين الباحث العربي السوري في كتابه " الجيش والسياسة في سوريا " ( 1918 – 2000 ) ( دراسة نقدية ) الصادر عن دار الجابية في لندن سنة 2008 م هم : - " الرائد علي حيدر قائد حامية حماة ( كانون الاول \ ديسمبر 1976 ) والدكتور محمد الفاضل رئيس جامعة دمشق ( شباط \ فبراير1977 ) وعلي عبد العلي أستاذ بجامعة حلب وصهر حافظ أسد ( تشرين ثاني \ نوفمبر 1977 ) والدكتور يوسف عيد ( آذار \ مارس 1978 ) والدكتور ابراهيم نعامة نقيب اطباء الاسنان السوريين وصهر حافظ اسد ايضا في شهر ( آذار\ مارس من العام 1978 ) ، والمقدم أحمد خليل مدير الشرطة بوزارة الداخلية .

الملاحظ ان مسلسل الاغتيالات والتصفيات لم يتوقف بأقالة ناجي جميل بدليل ان اغتيال المقدم أحمد خليل قد وقع في الاول من آب \ أغسطس بعد انقضاء عدة اشهر على هذا القرار الرئاسي ما يبرهن بوضح ان جميل نفسه لم يكن اكثر من كبش فداءا ضحى به النظام للتغطية على جرائمه المستمرة والمتوالية فصولا بحق الشعب العربي السوري منذ استيلائه على السلطة قسرا وعنوة بغير وجه حق ، بيد انه من شبه المؤكد المؤكد ان اغتيال الدكتور ابراهيم نعامة على وجه التحديد في 18 – 3 – 1978 جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ووضعت حدا نهائيا لمسيرة ناجي جميل في صفوف المؤسسة العسكرية لكنها يقينا لم تسدل الستارة على خدمته الحثيثة للعصابة الاسدية ، بدليل الشهادة التي قدمها احد نشطاء جماعة الاخوان المسلمين في حلب الطاهر ابراهيم لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية والتي نشرت في مقالة خاصة للمركز بتاريخ 16 – 6 – 2008 م تحت عنوان " أوراق من دفاتر المخابرات ماذا قال لنا اللواء ناجي جميل ؟ وماذا كان ردنا عليه ؟ في آذار من العام 1980 م " حيث يروي هذا الناشط السياسي وقائع حوار اجراه جميل مع عدد من نشطاء الجماعة في داخل سجن مقر الاستخبارات العسكرية السورية في حي السريان في حلب الشهباء والاسلوب الذي الجاف والقاسي الخشن الذي اتبعه في التعاطي مع مطالب المعتقلين السياسيين عندئذ .



الموقف السياسي الحرج للنظام الاسدي عبر عنه صراحة رأس هذا النظام في خطاب القاه بمناسبة انتهاء العمل في سد الفرات في يوم السبت الواقع بتاريخ 18 آذار\ مارس حيث قال ان سوريا ستفتح اجواءها وأراضيها لمن يود ان يقدم العون والسماعدة سواءا بالذخيرة او المتطوعين الى المقاومة الفلسطينية ( في اشارة منه كما يبدو للقيادة العراقية البعثية الشرعية ) وان هذا الموقف ليس فيه مزايدة او مساومة " كما لم يفوت لاسد الفرصة للاشادة بدعم الاتحاد السوفيتي لقضايا الامة العربية وطموحاتها في التحرر .

وبالفعل لم يكد الاسد ينهي خطابه الاجوف حتى بادرت اجهزته الامنية الى استدرار عطف الاتحاد السوفياتي السابق عبر اغتيال نائب رئيس جمعية الصداقة السوفيتية – السورية الدكتور نعامة ، محاولا اظهار نفسه بمظهر الضحية المستهدفة الحريص كل الحرص على عودة المياه الى مجاريها بين نظامه وسادة الكرملين آملا منهم استئناف تقديم السلاح لجيشه بعد ان تم تجميد التعاون العسكري بين الطرفين في اعقاب تدخله العسكري في لبنان الذي كانت ذريعته الواهية وحجته السخيفة الكاذبة من وراءه تتمثل في اسقاط الذرائع لتي قد يلجأ اليها الكيان الصهيوني لغزو واجتياح لبنان !!!!

فقدان المصداقية لدى النظام الاسدي لم يتوقف عند هذا الحد فحسب بل تعدى ذلك الى وضع العراقيل والعقبات الكأداء في وجه الدعم العراقي السخي غير المحدود للمقاومة الفلسطينة بجنوب لبنان ، فما ان اعلنت الاذاعة الصهيونية عن وصول وحدة عسكرية مؤلفة من 600 مقاتل من العراق الى جنوب لبنان في الرابع والعشرين من آذار \ مارس لعام 1978 عبر سوريا بعد طول انتظار حتي اصدرت قيادة قوات الردع العربية المهيمن عليها من قبل حكام دمشق بيانا تضمن بنده الاول منع دخول اي نوع من الطاقة العسكرية سواءا أكانت اعتدة أو رجالا الى الاراضي اللبنانية ، وطلب من وحداتها تنفيذ هذا المنع اعتبارا من تاريخه 24 – 3 – 1978 ، وهكذا برهن حافظ اسد عن ممانعته الاصيلة المتأصلة للكيان الصهيوني !!!!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق