الجمعة، 26 يوليو 2013

ذكرياتي مع المقبور حافظ الاسد حتى لا ننسى

حتى لا ننسى المقبور في حكمه لسوريا

محطات في تاريخ نظام الأسد 
محطة أولى ـ انقلاب 16 تشرين الثاني »نوفمبر« 1970 

(قاد الانقلاب حافظ الأسد) ضد رفاقه في حزب البعث وفي الجيش الذي كرس حكماً فردياً طائفياً تسلطياً إقصائياً. 

قالت صحيفة الغارديان البريطانية عام 79: »بدلاً عن الإصلاحات الجذرية الشاملة اتجه ـ النظام إلى النقيض وذلك بتركيز الولاء الأسري والطائفي«. 

وقد تجلى تكريس هذا الاتجاه بالممارسات التالية: 

أ ـ تسليم مفاصل الجيش والأجهزة الأمنية لضباط الطائفة حصراً فحافظ الأسد القائد الأعلى للجيش، ورفعت الأسد قائد سرايا الدفاع وعدنان الأسد قائد سرايا الصراع، وعلي حيدر قائد القوات الخاصة، ومحمد الخولي رئيس أمن القوى الجوية، ومستشار أمني للأسد، ومحمد ناصيف رئيس جهاز المخابرات الداخلية، وعلي دوبا رئيس المخابرات العسكرية ثم تسلم الطائفيون قيادات الشرطة وفروع أجهزة الأمن في المحافظات والألوية وحتى في المدن والبلدات وفي لبنان أيضاً.. بحيث أصبحت الأجهزة الأمنية وكتائب الجيش وألويته في قبضة الموالين للنظام من الضباط الطائفيين. 

ب ـ تحويل حزب البعث الحاكم إلى واجهة طائفية في غالب كوادره المتحكمة بالقرار مع إبقاء عناصر من غير الطائفة في الواجهة لكن من الموالين المنتفعين من مثل الخدام والزعبي والأحمر. 

ج ـ تحويل البعثات الدراسية إلى مؤسسة طائفية تماماً حتى بات ذلك لا يخفى على أحد فقد ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية في عددها الديبلوماسي 79 أنه »من بعثة دراسية عددها 100طالب كان سبعة وتسعون من النصيريين واثنان سنيان ونصراني واحد«. 

د ـ وقد لخصت لجنة روسية شكلت من قبل النظام لدراسة الأوضاع الداخلية في سورية وأسباب التمرد وكانت برئاسة »يفغيني بريماكوف« لخصت الوضع بقولها: فالقاعدة السلطوية الجوهرية التي يستند إليها الرئيس السوري هي الطائفة العلوية التي لا تمثل سوى 10% من أهالي سورية«. نقلاً عن الواشنطن بوست الأمريكية 27/10/79. 

محطة ثانية ـ دلائل دامغة على ديموقراطية الأسد..!! 

أ ـ في خطبة له من ثكنة الشرفة بحماة قال الأسد: »سوف نصفي خصومنا جسدياً«. 

ب ـ وفي كلمته أمام المؤتمر القطري الثالث عشر 1980 قال: »فالخطة السياسية إزاء الإخوان المسلمين وأمثالهم لا يمكن أن تكون إلا استئصالية أي خطة لا تكتفي بفضحهم ومحاربتهم سياسياً فهذا النوع من الحرب لا يؤثر كثيراً في فعاليتهم يجب أن نطبق بحقهم خطة هجومية«. 

ج ـ عمل على شق الأحزاب المعارضة يوم أعلن عن تشكيل جبهة وطنية تضم كل الأحزاب القومية الموجودة على الساحة تحت إمرة الحزب السلطوي الحاكم الذي ظل يسميه »حزب البعث« وهو بذلك استمال الشخصيات الانتهازية في المعارضة لتنضم إلى الجبهة منشقة عن أصولها راضية بالذيلية للسلطة المتجمعة بيد الأسد. بينما شردت الزعامات الأخرى أو اعتقلت أو لوحقت. 

د ـ إصدار دستور عام 1973 الذي لاقى أصداء اعتراضية شديدة عليه من الشعب السوري لخلوه من أية إشارة إلى مرجعية الهوية الإسلامية. قام النظام على إثرها بحملة اعتقالات واسعة استمرت على مدى سنوات السبعينات متجددة لا تنقطع وكانت عنواناً لممارساته التي اتسمت بالقمع والإرهاب والإقصاء والتصفية منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة دون توقف. 

محطة ثالثة ـ (المجازر) 

اتسم عهد النظام منذ عام 1970 وحتى اللحظة بالمجازر الفردية والجماعية التي منها: 

أ ـ مجزرة سجن تدمر 27/6/1980 وقتل فيها 700 سجين أعزل هاجمتهم قوة من سرايا رفعت الأسد وهم في الزنزانات بالرشاشات فأبادت معظمهم.. دون ذنب يذكر. (راجع كتاب الوثائق الأردنية الذي أصدرته الحكومة الأردنية بهذا الصدد) 

ب ـ مجزرة حي المشارقة »حلب« صباح يوم عيد الفطر عام 1980 حيث داهمت قوات السلطة البيوت في ذلك الصباح واقتادت مئة رجل من أبناء الحي تحت سمع ونظر أبنائهم وزوجاتهم وإخوانهم وأمهاتهم ثم صفتهم قبالة أحد الجدران وأطلقت عليهم النيران بمن فيهم الكثير من الأطفال،. (ولم يعرف لواحد منهم ذنب اقترفه.) 

ج ـ مجزرة سوق الأحد في حلب، حيث أطلق عساكر النظام النار على المتسوقين الأبرياء فقتلوا وجرحوا 192 شخصاً يوم 13/7/1980. 

د ـ مجزرة سرمدا من قرى حلب التي جرت يوم 25/7/1980 إذ هاجمت قوات علي حيدر الخاصة القرية على حين غفلة فجمعوا 15 رجلاً وأطلقوا النار عليهم أمام أهلهم وذويهم وسحلوا بعض الجثث بربطها بالسيارات قبل أن يغادروا القرية. 

هـ ـ مجزرة جسر الشغور التي قتلت فيها قوات على حيدر الخاصة 97 شخصاً في الشوارع بإطلاق النار عشوائياً على أهل السوق. حدث ذلك يوم 10/3/1980. 

و ـ مجازر مدينة حماة.. خص النظام هذه المدينة الصامدة المرابطة المؤمنة بقسط وافر من حقده وجرائمه. 

ـ ففي نيسان 1980 حوصرت المدينة وقطعت عنها الكهرباء والماء والاتصالات ودوهمت البيوت والمحال وأعمل جند النظام فيها قتلاً وترويعاً واعتقالاً للرجال الذين لم يعودوا حتى اللحظة. 

ـ وفي 24 نيسان 1981 حوصرت المدينة من قوات سرايا الدفاع والقوات الخاصة التي أعملت في الأبرياء قتلاً وكانت الحصيلة 335 قتيلاً آمناً بريئاً. 

ـ وفي شباط 289_ كانت المجزرة الكبرى بل المأساة التي تعتبر عار العصر على جبين النظام إذ ارتكبت قوات النظام في ذلك الوقت عملية استباحة تامة للمدينة تقتيلاً ونهباً وهدماً وهتكاً للأعراض والمحرمات، هدمت المنازل والمحال والأسواق والأبنية الأثرية والمساجد والكنائس وجمع الناس وقتلوا جماعياً في الخنادق أو حرقوا في محالهم وهم أحياء وقتلت النساء ونهبت المجوهرات وشوهت الجثث وقتل الأطفال بالمئات. 

وكانت الحصيلة قتل 25000 إنساناً في أقل التقديرات وهدم ثلثي المدينة وتشريد أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 300000 نسمة. وديست معالمها الأثرية والمعمارية (وتذكر الناس دخول هولاكو بغداد وتيمورلنك دمشق...). 

ـ وهناك الكثير من المجازر المتفرقة الأقل خطورة مما زوردناه نتركها للتاريخ. 

وتلخص جريدة »فرانكفورتر الجمينة« الالمانية في 25/7/1981.المشهد العام للوضع في سورية فتقول: 

»مجرد ذكر اسم النظام السوري مرادف للفزع والرعب والإرهاب ولقد كان رد فعل النظام على طروحات الإخوان المسلمين الفكرية والسياسية حملة القتل والإبادة الجماعية والاعتقالات والمطاردات وأطبق النظام على خناق السوريين فكانت ذروة إرهابه مجزرة تدمر حيث راح ضحيتها (700) سجين سياسي«. 

كما يلقي جورج طعمة مندوب سورية لدى الأمم المتحدة ضوءاً كاشفاً على ممارسات النظام في كلمته لجريدة الأنباء الكويتية 30/12/1980 إذ قال: 

»إن صناعة الحكم في بلادنا قائمة على أسس لاتمت لواقع الإنسان بصلة عقلانية أو قانونية أو طبيعية فهي عسكرية عشائرية استبدادية يقف المفكر فيها كغيره مهدور الكرامة إن قال كلمة الحق شنق أو قتل أو عزل أو اختفى على يد عصابات إجرامية فلا يسمع عنه أحد أو منه«. 

محطة رابعة ـ مجزرة التعليم: 

أ ـ كان من مقررات المؤتمر القطري لحزب السلطة عام 78 إحداث مجزرة أخلاقية في التعليم العام (ابتدائي، متوسط، ثانوي) وذلك باتخاذ قرار بإبعاد كل مدرس متدين أو تبدو عليه علامات الأخلاق أو التدين عن التعليم. وكانت الحصيلة إبعاد آلاف المعلمين والمدرسين بناء على ذلك القرار. 

ب ـ اتخذ الأسد المراسيم التشريعية التالية بحق مدرسي الجامعات من ذوي الخلق والتدين.. 

ج ـ مرسوم 1249 20/9/79 خاص بجامعة دمشق سرح بواسطته الأساتذة المتدينون. 

د ـ مرسوم 1250 20/9/79 خاص بجامعة اللاذقية سرح بواسطته الأساتذة المتدينون. 

هـ ـ مرسوم 1256 27/9/79 خاص بجامعة حلب سرح ونقل الأساتذة المتدينون.

محطة خامسة ـ الاعتداء على الحجاب 
قامت المظليات التابعات لمنظمات النظام بالاعتداء على حجاب النساء في الشوارع وذلك صيف وخريف عام 1980 وقد قالت صحيفة »لوسرنرنويستة« السويسرية 17/10/1980 في ذلك أبلغ الكلام »إن عملية الاعتداء على المحجبات في سورية هي إحدى الطرق التي يحارب بها أسد الإسلام«. 
محطة سادسة ـ محاربة الإسلام في اعلام النظام 
صورة 1 ـ طلعت علينا مجلة الفرسان تقول: »أريد من حكام العرب أن يجعلوا من الرفيق الأسد قبلة سياسية لهم يعبدونها بدلاً من الركوع أمام أوثان الإسلام«. 

صورة 2 ـ وهاهم كبار المسؤولين في النظام والحزب يصدون رسائلهم ببيت الشعر الكافر 

آمنت بالبعث رباً لاشريك له وبالعروبة ديناً ماله ثاني 
صورة 3 ـ وكانت من قبل قد خرجت مجلة جيش الشعب لتقول للناس على لسان الطائفي 
إن الله والأديان والأنبياء والكتب المقدسة دمى محنطة يجب أن توضع في المتاحف مع الآثار«. 
تعالى الله علواً كبيراً عما يقوله ويفعله رجال النظام. 
صورة 4 ـ أدخل النظام على مواد التدريس في المدارس مادة إجبارية سموها »الأخلاق« وهي من الأخلاق براء إذ امتلأت المادة تشويهاً واستهتاراً بالأخلاق ولتصنع من الأجيال أناساً أذلاء متخاذلين ولتصنع من شخصيات تافهة أمثلة وقدوة. 

صورة 5 ـ كما وضعوا في المنهاج مادة التربية الاشتراكية المليئة بالافتراءات ولا تزوير على الناس وعلى التاريخ والأمة وشخصياتها وقيمها. 
محطة سابعة ـ القانون 49 لعام 1980 الذي كان سبة وعاراً في جبين النظام إذ قضى بالإعدام على كل منتم لحركة الإسلام. بصورة لا سابق لها في العالم إذ كيف يحكم بالقتل على الإنسان من أجل فكره ورأيه.؟! 

محطة ثامنة ـ وهي أهم المحطات (كارثة حرب حزيران) 
أسرار كثيرة ظهرت عن تلك الكارثة وهي تشير إلى النظام بأصابع الاتهام. 
أ ـ كان الأسد في ذلك التاريخ وزير الدفاع وقائد سلاح الطيران والشخصية الأولى في مؤسسة القرار السوري. وكان النظام سبب الدعوة إلى حرب حزيران 1967« النهار البيروتية الصادرة في رأس السنة الميلادية 1968 نقلاً عن كتاب سقوط الجولان. 
ب ـ ورغم أن النظام كان السبب الرئيسي في الدعوة إلى تلك الحرب فإنه لم يدخل الحرب إلا في صباح 6 حزيران مع أن الحرب بدأت صباح 5حزيران (عن النهار البيروتية العدد السابق ذكره). 

ج ـ لو حدث وتدخل الطيران السوري بقيادة الأسد منذ اللحظة الأولى لـ5حزيران فاستقبلت طائراته الطائرات الإسرائيلية التي كانت تعود فارغة من هجومها على الجبهة المصرية لتغيرت صورة معركة حزيران تماماً ولكن قائد الطيران السوري ماطل في دخول المعركة لماذا؟.. من كتاب حربنا مع إسرائيل تأليف الملك حسين رحمه الله.

د ـ رغم طلب الملك حسين المتكرر بنجدة الأردن ورغم طلب القيادة الموحدة لذلك فوجئ الأردن بإرسال لواء واحد من الجيش السوري يوم 7 حزيران وذلك بعد أن علم قائد الجيش الأسد بأن كل شيء انتهى. (هذا الكلام مثبت في كتاب حربنا مع إسرائيل للملك حسن رحمه الله.) 

هـ ـ يقول إبراهيم ماخوس وزير خارجية النظام آنذاك في حديث له مع رؤساء البعثات الدبلوماسية »لو أننا بدأنا الهجوم لسحقنا العدوان وأنهينا العملية في يوم واحد« من كتاب سقوط الجولان... ما الذي منع من ذلك يا ترى ؟! 

و ـ ولنعرف لماذا؟ نر صف المعلومات التالية: 

1 ـ في بيان لجماعة صلاح جديد بتاريخ 1/3/71 جاء النص التالي:

»إن حقيقة الانقلاب اليميني ـ انقلاب الأسد ـ كثورة مضادة وضع القطر السوري في طريق الحلول السياسية ومحاصرة وعزل الثورة الفلسطينية باعتبارها العامل الأساسي الوحيد المتبقي في وجه تواطؤ أنظمة التسوية«. 

2 ـ »لم يكن النظام يريد مقاتلة يهود ولكنه كان يريد الإيقاع بالآخرين ليدفعوا الثمن غالياً« من كتاب حربنا مع إسرائيل كلام لوصفي التل رداً على بعض الصحفيين. 

3 ـ يشير »إدوارد شيهان في كتابه (كيسنجر والإسرائيليين والعرب إلى واقعة مهمة جداً تلقي ضوءاً كاشفاً على وضع النظام والأسد وارتباطاته.. 

يقول شيهان في كتابه (وهو مرافق كيسنجر في مكوكياته..) 

»إن المخابرات الصهيونية كانت تتعمد عند عودة كيسنجر من دمشق إلى القدس أن تدهشه بإطلاعه على ما دار بينه وبين حافظ الأسد في دمشق كما تطلعه على مضمون الرسائل المتبادلة بين الأسد وبين الملوك والرؤساء العرب الآخرين«. 

فإذا علمنا أن أغلب لقاءات كيسنجر مع الأسد كانت مغلقة.. عرفنا جواب اللغز القائم في كلام شيهان. 

4 ـ وهذه شهادة أحد أركان نظام سورية الذي كان للأسد فيه الكلمة الأولى فهو وزير الدفاع وقائد الطيران والمتحكم الأول في القرار آنذاك: يقول سامي الجندي في كتابه كسرة خبز (وسامي الجندي هذا كان وزيراً للإعلام وعضو القيادة القطرية ومن مؤسسي حزب السلطة وهو الذي اعترف أنه أرسل سفيراً إلى باريس في مهمة سلمية.. 

»لم أُخف أبداً أن النظام في سورية يعد لهزيمة وليس لاسترداد فلسطين نعم نعم لم تكن هناك أية بادرة للنصر، ولا أعني أنه كان يعد لهزيمة نفسه وإنما لهزيمة العرب الآخرين، كي يبقى الثوري الوحيد سيد المناخ الثوري العربي« من كتاب سامي الجندي كسرة خبز. 

ثم يتطرق الجندي إلى سبب اختياره للمهمة في باريس فيقول: 

»اختارني ماخوس وزير الخارجية السوري لهذه المهمة وهو لم يعدم الأشخاص ولا الوسيلة للاتصال بإسرائيل.. ثارت أقاويل في باريس نفسها عن أمين منظمة الحزب التابعة لدمشق وأنا ـ وهنا بيت القصيد ـ متأكد من اتصالات جرت عن طريق أكثر من دولة ثالثة وفي أكثر من عاصمة (اتصال مع إسرائيل)... ولست بحاجة. ـ بعد ذلك للقول إن إعلان سقوط القنيطرة ـ قبل أن يحصل السقوط ـ أمر يحار فيه كل تعليل يبنى على حسن النية. إن تداعي الأفكار البسيط يربط بين عدم وقف إطلاق النار والحدود سليمة والإلحاح بل الاستغاثة لوقفه بعد أن توغل الجيش الإسرائيلي في الجولان« إشارة هنا إلى أن يهود عرضوا وقف النار قبل توغلهم فرفض العرض. ونتابع أقوال السيد سامي الجندي بهذا الصدد فهي مهمة كونها صادرة عن إنسان مسؤول ومهم في النظام الذي سلم الجولان. 

»وعندما نتتبع فصول معركة الجولان نجد أن العسكريين الذين قاوموا اليهود فعلوا ذلك دون أوامر أما الذين صدرت إليهم الأوامر فقد انسحبوا بناء على خطة. 

ترى ما هي الخطة؟.. ونتابع.. »فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون في باريس مندوب سورية »جورج طعمة« في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة (وذلك من خلال البلاغ 66 الصادر عن وزير الدفاع حافظ الأسد) الذي أعلن وصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق بينما المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة يؤكد أن شيئاً من كل ذلك لم يحصل«. 

فلماذا يصدر الأسد البلاغ المشؤوم قبل وصول القوات الإسرائيلية إلى القنيطرة بيومين؟ ولماذا يطلب الانسحاب الكيفي من الجيش؟ ولماذا يقول اللواء أحمد سويداني قائد الجيش السوري عندما سئل عن هذا البلاغ »إنني كمسؤول عن الجيش لم استشر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة، لقد سمعته من الإذاعة كغيري..«؟! إن في طيات هذا الكلام كله الإجابة الشافية عن كنه خطة الانسحاب من دون قتال. 

5 ـ وهذه شهادة إبراهيم ماخوس وزير الخارجية السورية آنذاك. 

ماخوس وأمام عدد كبير من المسؤولين العرب رداً على قول أحد هؤلاء المسؤولين »إنها لفاجعة كبيرة ونحمد الله أن إحدى العواصم لم تمس«. قال: »وهل في ذلك غرابة لو حصل؟!.. إن الغريب في الأمر أن العواصم لم تسقط، وإننا من جهتنا كنا عاملين حسابنا على أن دمشق ستسقط..« 

ويتساءل المرء..: كيف يصدق هذا الكلام والأسد يقول في أحد تصريحاته قبل بدء المعركة ونقلته (الثورة السورية 20/5/67): »إننا أخذنا بعين الاعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس.. إن معرفتي لإمكانياتنا يجعلني أؤكد أن أية عملية يقوم بها العدو هي مغامرة فاشلة«. 

إن هذا الكلام لا ينسجم إلا إذا رتبنا كل ما قرأناه آنفاً جنباً إلى جنب فنفهم منه نحن وغيرنا أن صاحب القرار في سورية آنذاك (والأسد على رأس ذلك القرار) كانت له ارتباطاته المسبقة التي جعلته يحرض على المعركة قبل وقوعها ثم ليتلكأ في دخولها، ثم ليصدر البلاغ 66 بسقوط القنيطرة والانسحاب الكيفي تنفيذاً لارتباطاته المتفق عليها.. والمرتبة تماماً بحيث تبدأ بعد ذلك عملية العد التنازلي في العلاقة مع الكيان الصهيوني لتصل الأمور في النهاية إلى ما هي عليه الآن.. (مدريد وأخواتها). 

وهي على مراحل: نعدها فيما يلي: 
ـ ضرب الجبهة الداخلية في سورية إسلامياً، وحزبياً، اقتصادياً، اجتماعياً، سياسياً. 

ـ ضرب المقاومة الفلسطينية والوطنية وهو ما حدث في لبنان في عهد الأسد وعلى يد جيشه. 

ـ التحريض على حرب حزيران وتسليم الجولان، وهزيمة الحكام الآخرين الذين كانوا يبدون بعض التردد في التسوية مع الصهاينة. 

ـ الوصول إلى حالة مدريد وما بعدها... (وقد احتاج الأمر في الطريق إلى حرب تشرين وضرب مخيمات الفلسطينيين في لبنان، وترحيل المقاومة الفلسطينية عن لبنان نهائياً. 

واحتلال لبنان من قبل سورية كي لا يبقى إلا لاعب النظام على الساحة فيدير المعركة من خلال اتفاق جنتلمان بينه وبين الصهاينة كما أشار إلى ذلك الدكتور إسماعيل فهمي وزير خارجية مصر آنذاك. 

كما أتم النظام عملية إفساد العلاقات العربية بإنشاء المحاور فيها.. 

والتف على القرار الإسلامي باصطفافه إلى جانب الاتحاد السوفييتي في قضية أفغانستان.. 

وما خفي كان اعظم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق