الاثنين، 22 يوليو 2013

المختار بن عبيد الله الثقفي وحسن نصر الات!!!!!!!!!!!!!!

صدق من قال أن التاريخ يعيد نفسه وأصاب من اتعظ بعبر التاريخ وأحداثه، فبعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتنازل الحسن لمعاوية بن أبي سفيان حقناً لدماء المسلمين، الذي ما لبث أن دعا إلى بيعة ولده يزيد بالخلافة من بعده، فرفض الحسين بن علي ونفر من أبناء الصحابة أن يعطوا يزيد البيعة، وراسل أهل العراق الحسين يدعونه إلى العراق ليبايعوه خليفة على المسلمين وبعثوا له أكثر من 500 رسالة، فأرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة حتى يتحقق من صدق نوايا أهل العراق، فالتقى بأمرائهم وأشرافهم فبايعوا الحسين، ولما اطمأن ابن عقيل لهم أرسل إلى الحسين يدعوه إلى العراق، ولكن أهل الكوفة ما لبثوا أن انفضوا عن ابن عقيل وخذلوه وقدموا البيعة ليزيد بن معاوية، وتم القبض على مسلم بن عقيل وحمل إلى عبيد الله بن زياد أمير العراق، فقال له: إني قاتلك. قال: دعني أوصي. قال: نعم أوص. فالتفت فوجد عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال له: أنت أقرب الناس مني رحما تعال أوصيك، فأخذه في جانب من الدار وأوصاه بأن يرسل إلى الحسين بأن يرجع، فأرسل عمر بن سعد رجلا إلى الحسين ليخبره بأن الأمر قد انقضى، وأن أهل الكوفة قد خدعوه. وقال مسلم كلمته الـمشهورة: "ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي". وقتل مسلم بن عقيل وكان الحسين قد خرج من مكة قبل مقتل مسلم بن عقيل بيوم واحد قبل أن يصله كتاب عقيل.



وقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وقد خذله من ادعى حبه وحب آل البيت وتركوه وحيداً يواجه جيشاً عرمرماً، ثم ما لبث أن مات يزيد بن معاوية، وحدث الفراغ الكبير بخلو الساحة من أمير يجمع عليه المسلمون، وحدثت في تلك الأثناء فتن كقطع الليل المظلم وصراعات واقتتال بين المسلمين المتنازعين على الحكم، ومن وسط ذلك الركام ظهر الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي ليلعب دوراً خبيثاً في إذكاء الفتن وغواية الناس، وما دفعني للكتابة عن هذا الدجال هو وجه الشبه بدجال العصر حسن نصر اللات الذي لعب بعقول الناس وخدعهم لسنوات حتى بات مديحه على كل لسان ومنحوه لقب "سيد المقاومة" حتى جاءت الثورة السورية لتفضحه على رؤوس الأشهاد وتظهر حقيقته وكذبه وخداعه. وهذه هي قصة الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي كما روتها لنا كتب التاريخ، وعلى القارئ أن يقارب بين ما فعله ذاك الدجال وما يفعله دجال العصر حسن نصر اللات!!





صورة المشهد قبل ظهور المختار



بعد القضاء على ثورة الحسين بن علي رضي الله عنه ومقتله، عقد عبيد الله بن زياد - أمير العراق - راية لعمرو بن حريث ليجتمع إليه الناس، لتجديد البيعة ليزيد بن معاوية، وأمر ابن زياد ابن حريث أن يقعد للناس في المسجد - مسجد الكوفة - وأخذ الناس يتوافدون لتجديد البيعة وإعلان الولاء لبني أمية. وتأخر المختار بن أبي عبيد في الذهاب إلى المسجد، فرآه هانئ بن أبي حية الوادعي، فقال له: ما موقفك هاهنا ؟ لا أنت مع الناس، ولا أنت في رحلك ! قال المختار: أصبح رأي مرتجاً لعظم خطيئتكم. فقال له هانئ: أظنك والله قاتلاً نفسك، ثم دخل على عمرو بن الحريث في المسجد وأخبره بما قال للمختار وما رد عليه.

وبعث عمرو بن حريث عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي وزائدة بن قدامة بن مسعود، وناشدا المختار الله ألا يجعل على نفسه سبيلا.

لقد كان ابن أبي عبيد الله الثقفي يرى رأي الخوارج، ثم تحول إلى التشيع، وصار من كبار المؤيدين للحسين بن علي رضي الله عنه، وجعل بيته في الكوفة مركزا للدعوة إلى الحسين، وأنزل فيه مسلم بن عقيل.

وقدم المختار مكة، وجاء إلى عبد الله بن الزبير فسلم عليه. فرحب به ابن الزبير وأوسع إليه وأجلسه بجانبه. ثم قال له: حدثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا إسحاق، قال المختار: هم لسلطانهم في العلانية أولياء، وفي السر أعداء. قال ابن الزبير: هذه صفة عبيد السوء، إذا رأوا أربابهم خدموهم وأطاعوهم، فإذا غابوا عنهم شتموهم ولعنوهم.

وجلس المختار عند ابن الزبير ساعة ثم دنا منه هامسا وقال له: ما تنتظر ! ابسط يدك أبايعك، وأعطنا ما يرضينا، وثب على الحجاز، فإن أهل الحجاز كلهم معك.

ثم قام المختار وانصرف. فغاب عن ابن الزبير حولا في أهله في الطائف.

وبعد سنة نزل المختار مكة إلى البيت، فاستقبل الحجر، ثم طاف بالبيت سبعا، ثم صلى ركعتين عند الحجر، وجلس - وكان ابن الزبير يرقبه - ومر به رجال من معارفه من أهل الطائف وغيرهم من أهل الحجاز، فجلسوا إليه.

استبطأ ابن الزبير قيام المختار إليه، فقال لأحد أصحابه: ما ترى شأن المختار لا يأتينا ! فقال له: لا أدري وسأعلم لك علمه، فقال ابن الزبير له: ما شئت.

فقام صاحب ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد، فمر بالمختار كأنه يريد الخروج من المسجد. ثم التفت إليه، فأقبل نحوه ثم سلم عليه وجلس إليه، وأخذ بيده وقال له: أين كنت ؟ وأين بلغت بعدي ؟ أبالطائف كنت ؟ فقال المختار: كنت بالطائف وغير الطائف. فقال له عباس: مثلك يغيب عن مثل ما قد اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب من قريش والأنصار وثقيف ! لم يبق أهل بيت ولا قبيلة إلا وقد جاء زعيمهم وعميدهم فبايع هذا الرجل، فعجبا لك ولرأيك ألا تكون أتيته فبايعته، وأخذت بحظك من هذا الأمر ! فقال المختار: وما رأيتني أتيته العام الماضي فأشرت عليه بالرأي فطوى أمره دوني ؟ وإني لما رأيته استغنى عني أحببت أن أريه أني مستغن عنه، إنه والله لهو أحوج إلي مني إليه. فقال له ابن سهل: إنك كلمته بالذي كلمته وهو ظاهر في المسجد، وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون إلا والستور دونه مرضاة والأبواب دونه مغلقة. القه الليلة إن شئت وأنا معك، فقال المختار: فإني فاعل إذا صلينا العتمة أتيناه. واتعدا الحجر.

ورجع عباس بن سهل إلى عبد الله بن الزبير، وأخبره بما كان بينه وبين المختار فسر بذلك. وصلى المختار وعباس العتمة، والتقيا بالحجر، ثم خرجا حتى أتيا منزل ابن الزبير، فتأذنا عليه، فأذن لهما، ويبش للمختار مرحبا.

وأراد ابن سهل ترك المكان وقال: أخليكما ؟ فقالا جميعا: لا سر دونك، فجلس.

رحب ابن الزبير بالمختار وأخذ يده مداعبا يسأله عن حاله وأهل بيته، ثم سكتا غير طويل. ثم حمد الله المختار وأثنى عليه ثم قال: إنه لا خير في الإكثار من المنطق ولا في التقصير عن الحاجة، إني قد جئتك لأبايعك على ألا تفضي الأمور دوني، وعلى أن أكون في أول من تأذن له، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك. فقال له ابن الزبير: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال المختار: وشر غلماني أنت مبايعه على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ما لي في هذا الأمر من الحظ ما ليس لأقصى الخلق منك، لا والله لا أبايعك أبدا على هذه الخصال. فتدخل ابن سهل، وأسر بإذن ابن الزبير: اشتر منه دينه حتى ترى من رأيك، فقال ابن الزبير للمختار: فإن لك ما سألته. فبسط يده وبايعه المختار.

عند سماع أهل الكوفة بموت يزيد بن معاوية هاج الناس، ثم اصطلحوا على أن يكون عامر بن مسعود أميراً حتى يجتمع الناس على إمام يرضونه، فلم يلبث عامر أن بعث ببيعته وبيعة أهل الكوفة إلى ابن الزبير.

وأقام المختار مع ابن الزبير خمسة أشهر بعد موت يزيد بن معاوية. دون أن يجد منه أي اهتمام، ودون أن يكلفه بأية مهام، وأخذ كلما قدم عليه أحد من الكوفة يسأله عن حال الناس فيها وهيئتهم.

وقدم هانئ بن أبي حية الوادعي مكة يريد عمرة رمضان، فجاءه المختار وسأله عن حاله وحال الناس بالكوفة. فأخبره عنهم بصلاح واتساق على طاعة ابن الزبير. إلا أن طائفة من الناس لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض. فقال له المختار: أنا أبو إسحاق، أنا والله لهم، أنا أجمعهم على مر الحق، وأنفي بهم ركبان الباطل، وأقتل بهم كل جبار عنيد. فقال له هانئ: ويحك يا ابن أبي عبيد ! إن استطعت ألا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك، فإن صاحب الفتنة أقرب شيء أجلا، وأسوأ الناس عملا. فقال المختار: إني لا أدعو إلى الفتنة إنما أدعو إلى الهدى والجماعة
المختار يبدأ مشواره في الخروج على الخلافة

جهز المختار أمره وغادر مكة ميمماً وجهته الكوفة، حتى إذا كان بالقرعاء لقيه سلمة بن مرثد القابضي - من همدان - وكان من أشجع العرب، وكان ناسكا. ولما تقاربا تصافحا وتساءلا. ثم قال له المختار: حدثني عن الناس بالكوفة، قال: هم كغنم ضل راعيها، فقال المختار: أنا الذي أحسن رعايتها، وأبلغ نهايتها، فقال له سلمة: اتق الله، واعلم أنك ميت ومبعوث، ومحاسب ومجزى بعملك إن خيراً فخير وإن شراً فشر، ثم افترقا. ومضى المختار حتى انتهى إلى بحر الحيرة، وكان يوم جمعة، فنزل واغتسل فيه، وأدهن دهناً يسيرا، ولبس ثيابه واعتم، وتقلد سيفه، ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون وجبانة كندة. وكان لا يمر بمجلس إلا سلم على أهله ويقول: أبشروا بالنصر والفلج، أتاكم ما تحبون.
وأخذ المختار يبعث إلى الشيعة سراً يحثهم على ترك سليمان بن صرد (أحد قادة الشيعة المتمردين على الدولة الأموية)، مدعيا أنه جاء من طرف محمد بن علي وزيراً وداعيةً وأمينا، ويقول لهم: إني قد جئتكم من قبل ولي الأمر، ومعدن الفضل، وصي الوصي والإمام المهدي، بأمر فيه الشفاء، وكشف الغطاء، وقتل الأعداء، وتمام النعماء، إن سليمان بن صرد يرحمنا الله وإياه إنما هو عشمة من العشم، وحفش بال، ليس بذي تجربة للأمور، ولا له علم بالحروب، إنما يريد أن يخرجكم فيقتل نفسه ويقتلكم. إني إنما أعمل على مثال قد مثل لي، وأمر قد بين لي، فيه عز وليكم، وقتل عدوكم، وشفاء صدوركم، فاسمعوا مني قولي، وأطيعوا أمري، ثم أبشروا وتباشروا، فإن لكم بكل ما تأملون خير زعيم.
وما زال المختار ينفّر الناس من سليمان ويزين لهم الوعود والمواثيق والأماني حتى استمال طائفة من الشيعة، يختلفون إليه ويعظمونه، وينظرون أمره. ولكن جل أعيان الشيعة قد اجتمعوا لابن الصرد، حتى غدا أثقل خلق الله على المختار.

وكان سليمان بن الصرد يريد الخروج والمختار لا يريد أن يتحرك، ولا أن يهيّج أمراً حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمر سليمان. رجاء أن يستجمع له أمر الشيعة، فيكون أقوى له على درك ما يطلب.
وخرج سليمان بن صرد قاصداً الجزيرة، ولكن ولاة الأمر كانوا يعرفون أن الخطر يكمن عند المختار وليس عند ابن صرد. فقد تنبه إلى ذلك عمر بن سعد بن أبي وقاص، وشبث بن ربعي، ويزيد بن الحارث بن رويم، فقد سارعوا إلى عبد الله بن يزيد الخطمي وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله بحذرهما قائلين:
إن المختار أشد عليكم من سليمان بن الصرد، إنما سليمان خرج يقاتل عدوكم - يقصدون الأمويين - ويذللهم لكم، وقد خرج عن بلادكم. وإن المختار إنما يريد أن يثب عليكم في مصركم، فسيروا إليه فأوثقوه في الحديد، وخلدوه في السجن حتى يستقيم أمر الناس.
فجاءت الشرطة دار المختار يتقدمهم عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد فاستخرجوه فلما رأى جمعهم قال: ما بالكم ! فو الله بعد ما ظفرت أكفكم ! فقال إبراهيم بن محمد لعبد الله بن يزيد: شده كتافا، ومشه حافيا. فقال له عبد الله بن يزيد: سبحان الله ! ما كنت لأمشيه ولا لأحفيه، ولا كنت لأفعل هذا برجل لم يظهر لنا عداوة ولا حربا، وإنما أخذناه على الظن. فقال إبراهيم بن محمد: ليس بعشك فادرجي. ثم التفت إلى المختار وقال له: ما أنت وما يبلغنا عنك يا ابن عبيد! فقال له: ما الذي بلغك عني إلا باطل، وأعوذ بالله من غش كغش أبيك وجدك! وسكت. وأتي المختار ببغلة دهماء يركبها.      
فقال إبراهيم لعبد الله بن يزيد: ألا تشد عليه القيود؟ قال: كفى له بالسجن قيدا. وألقي المختار في السجن.
وزار المختار في سجنه يحيى بن أبي عيسى وحميد بن مسلم الأزدي - وكان المختار مقيدا - فبايعاه. فقال لهما المختار: أما ورب البحار، والنخيل والأشجار، والمهامه والقفار، والملائكة الأبرار، والمصطفين الأخيار، لأقتلن كل جبار، بكل لدن خطار، ومهند بتار، في جموع الأنصار، ليسوا بميل أغمار، ولا بعزل أشرار، حتى إذا أقمت عمود الدين، ورأبت شعب صدع المسلمين، وشفيت غليل صدور المؤمنين، وأدركت بثأر النبيين، ولم يكبر علي زوال الدنيا ولم أحفل بالموت إذا أتى.
وبعد مقتل سليمان بن الصرد، وهزيمة جمعه، والتفاف الناس حول رفاعة بن شداد، كتب إليه المختار من سجنه كتابا قال له فيه: أما بعد، فمرحبا بالعصب الذين أعظم الله لهم الأجر حين انصرفوا، ورضي انصرافهم حين قفلوا، أما ورب البنية التي بنى ما خطا خاط منكم خطوة، ولا رتا رتوة إلا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا.
إن سليمان قد قضى ما عليه، وتوفاه الله فجعل روحه مع أرواح الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون، إني أنا الأمير المأمور، والأمين المأمون، وأمير الجيش، وقاتل الجبارين، والمنتقم من أعداء الدين، والمقيد من الأوتار، فأعدوا واستعدوا، وأبشروا واستبشروا، أدعوكم إلى كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإلى الطلب بدماء أهل البيت والدفع عن الضعفاء، وجهاد المحلين، والسلام.
ثم كتب المختار كتابا لمن بقي من جمع ابن صرد قال فيه: أما بعد، فإن الله أعظم لكم الأجر، وحط عنكم الوزر، بمفارقة القاسطين، وجهاد المحلين، إنكم لم تنفقوا نفقة، ولم تقطعوا عقبة، ولم تخطوا خطوة إلا رفع الله لكم بها درجة، وكتب لكم بها حسنة، إلى ما لا يحصيه إلا الله من التضعيف، فأبشروا فإني لو قد خرجت إليكم قد جردت فيما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف بإذن الله، فجعلتهم بإذن الله ركاما، وقتلتهم فذا وتؤما، فرحب الله بمن قارب منكم واهتدى، ولا يبعد الله إلا من عصى وأبى، والسلام يا أهل الهدى.
وأخذ كتاب المختار سيحان بن عمرو وأتى به رفاعة بن شداد والمثنى بن مخرمة العبدي وسعد بن حذيفة اليمان ويزيد بن أنس وأحمد بن شميط الأحمسي وعبد الله بن شداد البجلي وعبد الله بن كامل.
وقرأ سيحان بن عمرو كتاب المختار، واقتنع الجمع بما جاء فيه، فأرسلوا إلى المختار عبد الله بن كامل، ليبلغوه أنهم حيث يسره، فإن شاء جاؤوا لإخراجه من سجنه.
سر المختار باجتماع الشيعة عليه، وقال لابن كامل: لا أريد إخراجي، فإني أخرج في أيامي هذه.
وكان المختار قد بعث غلاما يدعى زريبا إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكتب إليه: أما بعد: فإني قد حبست مظلوما، وظن بي الولاة ظنونا كاذبة، فاكتب في يرحمك الله إلى هذين الظالمين كتابا لطيفا، عسى أن يخلصني من أيديهما بلطفك وبركتك ويمنك، والسلام عليك.
فكتب عبد الله بن عمر إليهما: أما بعد، فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيد من الصهر، والذي بيني وبينكما من الود، فأقسمت عليكما بحق ما بيني وبينكما لما خليتما سبيله حين تنظران في كتابي هذا، والسلام عليكما ورحمة الله.
فلما أتى عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة كتاب عبد الله بن عمر، دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه بنفسه، فأتاهم أناس من أصحابه كثير، فقال يزيد بن الحارث لعبد الله بن يزيد: ما تصنع بضمان هؤلاء كلهم! ضمنه عشرة منهم أشرافا معروفين، ودع سائرهم. ففعل ذلك. فلما ضمنوه، دعا عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة المختار، وحلفاه بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، لا يبغيهما غائلة، ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان، فإن هو فعل فعليه ألف بدنة يخرجها لدى رتاج الكعبة، ومماليكه كلهم ذكره وأنثاهم أحرار. فحلف المختار لهما بذلك، ثم خرج فجاء داره فنزلها.
وفي الطريق قال المختار - وحميد بن مسلم يسمع - : قاتلهم الله! ما أحمقهم حين يرون أني أفي لهم بأيمانهم هذه! أما حلفي لهم بالله، فإني ينبغي لي إذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها أن أدع ما حلفت عليه وآتي الذي هو خير، وأكفّر بيميني، وخروجي عليهم خير من كفر عنهم، وأكفر يميني، وأما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة، وما ثمن ألف بدنة فيهولني! وأما عتق مماليكي فو الله لوددت أنه قد استتب لي أمري، ثم لم أملك مملوكا أبدا.
وأخذ يختلف الشيعة إلى المختار في داره، والتف الكل حوله دون منازع وهم متفقي الرأي عليه والرضا به. وكانت دعوته قد استحوذت على الناس قبل خروجه من السجن، فقد كان دعاته ينشطون وهو لم يكن بعد قد خرج من السجن، وكان كبار دعاته هم: السائب بن مالك الأشعري، ويزيد بن أنس، وأحمر بن شميط ورفاعة بن شداد، وعبد الله بن شداد الجشمي.
وما زال ابن أبي ثقيف يكثر أصحابه، وأمره يقوى ويشتد حتى عزل عبد الله بن الزبير عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة عن إمارة الكوفة، وبعث عبد الله بن مطيع أميراً عليها.
وكان المختار يختلف إلى عبد الله بن مطيع، ويظهر له مناصحة ابن الزبير - ويعيبه في سره - وأخذ يدعو الناس إلى ابن الحنفية، ويحرض الناس على ابن مطيع سرا. ولما ظهر حال المختار وعظمت قوته، تهيبه ابن مطيع وأخذ يحذر منه.
وكان المختار يدعي في مجالسه الخاصة أن عبد الله بن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم - محمد بن النفية - ثم ظلمه إياه.
وأحس إياس بن مضارب بخطر المختار فجاء إلى ابن مطيع وحذره منه وقال له: لست آمن المختار، فابعث إليه فليأتك، فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس، فإن عيوني قد أتتني فخبرتني أن أمره قد استجمع له، وكأنه قد وثب بالمصر.
وبعث ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبد الله البرسمي إلى المختار لإحضاره إليه. فذهبا إليه، ودخلا عليه وقالا له: أجب الأمير، فدعا المختار بثيابه وأمر بإسراج دابته وتخشخش للذهاب معهما. فلما رأى زائدة بن قدامة - وكان على رأيه - ذلك، قرأ قول الله تبارك تعالى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ففهمها المختار، وتصنع المرض، وتوسد في فراشه وألقى ثيابه عليه، ثم قال: ألقوا علي القطيفة، ما أراني إلا قد وعكت، إني لأجد قفقفة شديدة. ثم قال للرجلين: ارجعا إلى ابن مطيع، فأعلماه حالي التي أنا عليها. فقال له زائدة بن قدامة: أما أنا ففاعل، فقال المختار لحسين بن عبد الله: وأنت يا أخا همدان فاعذرني عنده فإنه خير لك.
ورجع رسولا ابن مطيع إليه وأخبراه بعلة المختار وشكواه، فصدق مقالتهما وانشغل عنه.
وعندما أحس المختار بنوايا القوم نحوه وانكشاف أمره لهم، أخذ يجمع شيعته في الدور حوله حتى لا يؤخذ على حين غرة
الشك في صدق نوايا المختار

لقد كان العديد ممن وافقوا المختار على رأيه والتفوا حوله يشكون في صحة دعوته لابن الحنفية. وحتى يتثبتوا من صحة دعواه. اجتمع رجل من أصحابه من شبام يقال له عبد الرحمن بن شريح مع سعيد بن منقذ الثوري وسعر بن أبي سعر الحنفي والأسود بن جراد الكندي وقدامة بن مالك الجشمي، في منزل سعر الحنفي. فحمد الله ابن شريح وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن المختار يريد أن يخرج بنا، وقد بايعناه ولا ندري أرسله إلينا ابن الحنفية أم لا ! فانهضوا بنا إلى ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به، وبما دعانا إليه، فإن رخص لنا في اتباعه اتبعناه، وإن نهنا عنه اجتنبناه، فو الله ما ينبغي أن يكون شيء من أمر الدنيا آثر عندنا من سلامة ديننا. فقالوا له: أرشدك الله ! فقد أصبت ووفقت. اخرج بنا إذا شئت.
وأجمع القوم أمرهم على الخروج ليتحققوا من أمر دعوة المختار، ويسمعوا حقيقة ذلك من ابن الحنفية.

وجاء القوم على ابن الحنفية، ولما استقام لهم المجلس سألهم عن حال الناس، فأخبروه عن حالهم وما هم عليه. ثم قال القوم لابن الحنفية: إن لنا إليك حاجة، قال: فسر هي أم علانية ؟ فقالوا له: بل سر. قال: فرويداً إذاً.
ثم مكث ابن الحنفية قليلا، وتنحى جانبا فدعا القوم. وبدأ عبد الرحمن بن شريح الكلام، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة، وشرفكم بالنبوة، وعظم حقكم على هذه الأمة، فلا يجهل حقكم إلا مغبون الرأي، مخسوس النصيب، قد أصبتم بحسين رحمة الله عليه، عظمت مصيبة اختصصتم بها، بعد ما عم بها المسلمون، وقد قدم علينا المختار بن عبيد يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم، وقد دعانا إلى كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والطلب بدماء أهل البيت، والدفع عن الضعفاء، فبايعناه. ثم إنا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا إليه، وندبنا له، فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه، وإن نهيتنا عنه اجتنبناه.
ثم تكلم القوم واحداً واحداً بنحو ما تكلم به صاحبهم، وابن الحنفية يسمع، حتى إذا فرغوا حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
أما بعد، فأما ما ذكرتم مما خصنا الله به من فضل، فإن الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فلله الحمد ! وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين، فإن ذلك كان في الذكر الحكيم وهي ملحمة كتبت عليه، وكرامة أهداها الله له، رفع بما كان منها درجات قوم عنده، ووضع بها آخرين، وكان أمر الله مفعولا، وكان أمر الله قدراً مقدورا. وأما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فو الله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
فخرج القوم من عند ابن الحنفية وهم يقولون: قد أذن لنا، قد قال: لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه. ولو كره لقال: لا تفعلوا.
وأطلع القوم بعد وصولهم الكوفة شيعتهم على ما كان بينهم وبين ابن الحنفية، وموافقة ابن الحنفية - حسب ما اعتقدوا به - على ما جاء به المختار.
بلغ المختار خبر الجماعة التي ذهبت تستوضح الأمر بصحة دعواه من أبي الحنفية، فشق ذلك عليه، وخشي أن ينكشف أمره ويأتوه بأمر يخذل الشيعة عنه، فيذهب كل ما كرس جهده لأجله هباء. ولكن المختار بما يملك من رباطة جأش وصبر ودهاء وحلم وإصرار لم يفت في عضده أو تحد من اندفاعته فيما نوى القيام به. وأخذ يهمس لبعض أتباعه وخواصه - وكأن الخبر جاءه من السماء - إن نفيرا منكم ارتابوا وتحيروا وخابوا، فإن هم أصابوا أقبلوا وأنابوا، وإن هم كبوا وهابوا، واعترضوا وانجابوا، فقد تبروا وخابوا.
وعاد القوم إلى الكوفة بعد شهر تقريبا، ولم ينزلوا عن رواحلهم بل يمموا شطر بيت المختار، وأقبلوا عليه دون بيوتهم، ولما استقام مجلسهم عنده سألهم: ما وراءكم ؟ فقد فتنتم وارتبتم.. فقالوا له: قد أمرنا بنصرتك.. فانفرجت أسارير المختار بعدما كان متجهم الوجه مقطب الجبين وهو يصيح: الله أكبر.. أنا أبو إسحاق، إجمعوا الشيعة.
وجاءه الشيعة ممن كان قريباً من داره، فقال المختار: يا معشر الشيعة، إن نفرا منكم أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به، فرحلوا إلى إمام الهدى، والنجيب المرتضى ابن خير من طشى ومشى، حاش النبي المجتبى، فسألوه عما قدمت به عليكم، فنبأهم أني وزيره وظهيره، ورسوله وخليله، وآمركم باتباعي وطاعتي فيما وعدتكم إليه من قتال المحلين، والطلب بدماء أهل بيت نبيكم المصطفين.
ثم وقف عبد الرحمن بن شريح - صاحب فكرة التثبت من حقيقة أمر المختار - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا معشر الشيعة، فإنا قد كنا أحببنا أن نستثبت لأنفسنا خاصة ولجميع إخواننا عامة، فقدمنا على المهدي بن علي، فسألناه عن حربنا هذه، وعما دعانا إليه المختار منها، فأمرنا بمظاهرته ومؤازرته وإجابته إلى ما دعانا إليه، فأقبلنا طيبة أنفسنا، منشرحة صدورنا، قد أذهب الله منها الشك والغل والريب، واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدونا، فليبلغ ذلك شاهدكم، غائبكم واستعدوا وتأهبوا. ثم جلس. وقام رجل ممن ذهب إلى ابن الحنفية تباعا، فتكلموا بنحو من كلام ابن شريح. فاستجمعت للمختار الشيعة، وحدبت عليه.
أشار على المختار - عندما دنا أمر خروجه - بعض خواصه من كبراء الشيعة وأشرافهم بأن يسعى لضم إبراهيم بن الأشتر إليه قائلين: رجونا بإذن الله القوة على عدونا، وألا يضرنا خلاف من خالفنا، فإنه فتى بئيس، وابن رجل شريف بعيد الصيت، وله عشيرة ذات عز وعدد. فقال لهم المختار: فالقوه فادعوه، وأعلموه الذي أمرنا به من الطلب بدم الحسين بن علي وأهل بيته.
وخرج القوم إلى ابن الأشتر، فتكلم يزيد بن أنس، فقال: إنا قد أتيناك في أمر نعرضه عليك، وندعوك إليه، فإن قبلته كان خيرا لك، وإن تركته فقد أدينا إليك في النصيحة، ونحن نحب أن يكون عندك مستورا. فقال إبراهيم بن الأشتر: وإن مثلي لا تخاف غائلته ولا سعايته، ولا التقرب إلى سلطانه باغتياب الناس، إنما أولئك الصغار الأخطار الدقاق همما.
فقال يزيد: إنما ندعوك إلى أمر قد أجمع عليه رأي الملأ من الشيعة، إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والطلب بدماء أهل البيت، وقتال المحلين، والدفع عن الضعفاء.
ثم تكلم أحمر بن شميط فقال: إني لك ناصح، ولحظك محب، وإن أباك قد هلك وهو سيد الناس وفيك منه إن رعيت حق الله خلف، قد دعوناك إلى أمر إن أجبتنا إليه عادت لك منزلة أبيك في الناس، وأحييت من ذلك أمراً قد مات، إنما يكفيك مثلك اليسير حتى تبلغ الغاية التي لا مذهب وراءها، إنه قد بنى لك أولك مفتخرا.
وأخذ القوم يعزمون عليه ويدعونه إلى أمرهم ويرغبونه فيه. فقال لهم إبراهيم بن الأشتر - بعد أن استمع لهم - : إني قد اجبتكم إلى ما دعوتموني إليه من الطلب بدم الحسين وأهل بيته، على أن تولوني الأمر، فقالوا: أنت لذلك أهل، ولكن ليس إلى ذلك سبيل، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي، وهو الرسول والمأمور بالقتال، وقد أمرنا بطاعته. فسكت عنهم ابن الأشتر ولم يجبهم.
فلما استبطأ القوم منه جوابا انصرفوا من عنده إلى المختار، وأخبروه بما سمعوه من ابن الأشتر وما دار بينهم.
جمع المختار أمره وبيت خطته واستعمل دهاءه، فسطر كتابا على أنه موجه من ابن الحنفية إلى إبراهيم الأشتر يأمره فيها بمتابعة المختار.
وبعد ثلاثة أيام دعا المختار بضعة عشر رجلا من وجوه أصحابه، ثم سار بهم، ومضى أمامهم يقد بهم بيوت الكوفة قدا، لا يدرون أين يريد، حتى وقف على باب إبراهيم بن الشتر، فاستئذن عليه فأذن له.
فدخل المختار ومن معه، والقيت للقوم الوسائد، وجلسوا عليها، وجلس المختار مع ابن الأشتر على فراشه. وبعد أن استقر بالقوم المجلس قال المختار:
"الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وصلى على محمد، والسلام عليه، أما بعد: فإن هذا الكتاب إليك من المهدي محمد بن أمير المؤمنين الوصي، وهو خير أهل الأرض اليوم، وابن خير أهل الأرض كلها قبل اليوم بعد أنبياء الله ورسله، وهو يسألك أن تنصرنا وتؤازرنا، فإن فعلت اغتبطت، وإن لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك. وسيغني الله المهدي محمدا وأولياءه عنك". وكان المختار قد دفع الكتاب إلى أحد رجاله حين خرج من منزله.
وبعد أن قضى المختار كلامه التفت إلى أحد أصحابه وقال له: ادفع الكتاب إليه، فدفع الرجل الكتاب إلى إبراهيم. فدعا إبراهيم بالمصباح وفض خاتمه، وقرأ الكتاب فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني قد بعثت إليكم بوزيري وأميني ونجيبي الذي ارتضيته لنفسي، وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء أهل بيتي، فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك، فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة، ولك بذلك أعنة الخيل وكل جيش غاز، وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد أهل الشام، علي الوفاء بذلك على عهد الله، فإن فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة، وإن أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا، والسلام عليك".
فلما قضى إبراهيم قراءة الكتاب، قال: لقد كتب إلي أبن الحنفية، وقد كتبت إليه قبل اليوم، فما كان يكتب إلي إلا باسمه واسم أبيه. قال له المختار: إن ذلك زمان وهذا زمان. قال إبراهيم: فمن يعلم أن هذا الكتاب من ابن الحنفية إلي ؟ فقال جماعة القوم: نشهد أن هذا كتاب محمد بن علي إليك.
وبعد أن تيقن إبراهيم من الكتاب بشهادة القوم تنحى عن صدر الفراش، وأجلس المختار عليه، ومد يده إلى المختار قائلا: ابسط يدك أبايعك، فبسط المختار يده فبايعه إبراهيم، وهلل القوم وبانت نواجز المختار من السعادة. ودعا ابن الأشتر للقوم بفاكهة، فأصابوا منها، ثم دعا لهم بشراب من عسل فشربوا. ونهض القوم، وخرج ابن الأشتر يشيعهم إلى خارج سور بيته، فركب المختار ومن معه مراكبهم راجعين كل إلى رحله.
وأخذ إبراهيم بن الأشتر يأتي المختار إلى داره، فيمكث عنده حتى تصوب النجوم. ثم ينصرف. ومكث القوم على اجتماعاتهم ومداولاتهم وتدبرهم، حتى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة (66هـ/685م). واستولوا على قصر الإمارة بالكوفة.
وتوافد الناس إلى المختار يبايعونه على كتاب الله وسنة رسوله، والطلب بثأر أهل البيت.
ثم عقد المختار الرايات لأصحابه، وأمرهم على الولايات.
وبدأ المختار يتتبع قتلة الحسين بن علي، وكانت له خطبة ملتهبة، حرض فيها أصحابه على من قتل الحسين من أهل الكوفة المقيمين فيها. ومما قاله:
ما ذنبنا نترك أقواما قتلوا الحسين يمشون في الدنيا أحياء آمنين، بئس ناصروا آل محمد، إني إذا كذاب كما سميتموني أنتم، فإني بالله أستعين عليهم، فالحمد لله الذي جعلني سيفا أضربهم، ورمحا أطعنهم، وطالب وترهم، وقائماً بحقهم، وإنه كان حقا على الله أن يقتل من قتلهم، وأن يذل من جهل حقهم، فسموهم ثم اتبعوهم حتى تقتلوهم، فإنه لا يسيغ لي الطعام والشراب حتى أطهر الأرض منهم، وأنفي من في المصر منهم، ثم جعل يتتبع من في الكوفة من قتلة الحسين.
وكان رجاله يأتون بمن يشتبه به في أنه شارك في قتل الحسين، وكان يقتل كل واحد وبما يتناسب وفعله، فمنهم من حرقه بالنار، ومنهم من قطّع أطرافه وتركه حتى مات، ومنهم من يرمى بالنبال حتى يموت. فأتوه بمالك بن بشر، فقال له المختار: أنت الذي نزعت برنس الحسين عنه؟ فقال: خرجنا ونحن كارهون فامنن علينا، فقال: اقطعوا يديه ورجليه. ففعلوا به ذلك ثم تركوه يضطرب حتى مات، وقتل عبد الله بن أسيد الجهني وغيره شر قتلة.
وبعث المختار أبا عمرة صاحب حرسه، فكبس بيته فخرجت إليهم امرأته فسألوها عنه فقالت: لا أدري أين هو، واشارت بيدها إلى المكان الذي هو مختف فيه - وكانت تكرهه - فدخلوا عليه فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة، فحملوه إلى المختار فأمر بقتله قريبا من داره، وأن يحرق بعد ذلك.
وطلب المختار حكيم بن طفيل السنبسي - وكان قد سلب العباس بن علي بن أبي طالب يوم قتل الحسين - وقتله.
وبعث المختار إلى يزيد بن ورقاء، وكان قد قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، فلما أحاط الشرط داره خرج فقاتلهم فرموه بالنبل والحجارة حتى سقط، ثم حرقوه وبه رمق الحياة.
وطلب المختار سنان بن أنس، الذي كان يدّعي أنه قتل الحسين، فوجدوه قد هرب إلى البصرة فهدمت داره. وممن هرب إلى البصرة أيضا محمد بن الأشعث بن قيس فهدمت داره.
وقال المختار لأصحابه - وهو في حمأة ملاحقة قتلة الحسين -: لأقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين، مشرف الحاجبين، يسر بقتله المؤمنون والملائكة المقربون، وكان الهيثم بن الأسود حاضرا فوقع في نفسه أنه يريد عمر بن سعد فبعث إليه ابنه فأنذره. ثم جعل عمر بن سعد يتنقل من محلة إلى محلة، وقد بلغ المختار انتقاله من موضع إلى موضع فقال: كلا والله إن في عنقه سلسلة ترده لوجهه، إن يضطير لأدركه دم الحسين فآخذ برجله. ثم أرسل إليه ابا عمرة فأراد الفرار منه فعثر في جبته، فضربه أبو عمرة بالسيف حتى قتله، وجاء برأسه في أسفل قبائه حتى وضعه بين يدي المختار، فقال المختار لابنه حفص - وكان جالسا عند المختار -: أتعرف هذا الرأس ؟ فأجفل حفص وقال: نعم لا خير في العيش بعده، فقال المختار:
صدقت ثم أمر فضربت عنقه ووضع رأسه مع رأس أبيه، ثم قال المختار: هذا بالحسين وهذا بعلي بن الحسين الأكبر، ولا سواء، والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله. ثم ما لبث أهل الكوفة أن ثاروا على المختار للفظائع التي يرتكبها بحق أبناء وآباء القوم. وعندما فرغ المختار من ثورة أهل الكوفة عليه، وملاحقته لقتلة الحسين جهز إبراهيم بن الأشتر وأشخصه لقتال عبيد الله بن يزيد الذي جاءه يقود جند الشام.
وكان خروج ابن الأشتر يوم السبت الثامن من ذي الحجة سنة (66هـ/685م). وشيعه المختار يودعه في وجوه أصحابه وخاصته، ومعهم كرسي المختار على بغل أشهب ليستنفروا به على الأعداء، وهم حافون به يدعون ويستصرخون ويستنصرون ويتضرعون. (ذكر ابن الكلبي أن المختار طلب من آل جعدة بن هبيرة الكرسي الذي كان يجلس عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالوا: ما عندنا شيء مما يقول الأمير، فألح عليهم، فحملوا إليه كرسيا من بعض الدور. فقالوا: هذا هو، فخرجت شبام وشاكر وسائر رؤؤس المختارية وقد عصبوه بالحرير والديباج. وكان أول من سدن هذا الكرسي موسى بن أبي موسى الأشعري، ثم حوشب البرسمي، وكان صاحبه حتى هلك المختار.
ورجع المختار وقد أوصى ابن الأشتر بثلاث، قال له: يا ابن الأشتر اتق الله في سرك وعلانيتك، وأسرع السير، وعاجل عدوك بالقتال. واستمر أصحاب الكرسي سائرين مع ابن الأشتر، فجعل ابن الأشتر يقول: (اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) ، سنة بني إسرائيل، والذي نفسي بيده إذ عكفوا على عجلهم، فلما جاوز القنطرة هو وأصحابه رجع أصحاب الكرسي.
وقصد ابن الأشتر عبيد الله بن زياد حيث ينزل في أرض الموصل، وبعد معارك ووقائع شرسة، تمكن ابن الأشتر من قتل ابن زياد.
 
نهاية الدجال وذهاب دولته

في سنة (67هـ/686م) عزل عبد الله بن الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن نيابة البصرة، وولاها لأخيه مصعب بن الزبير، المعروف بشجاعته ودهائه، ليكون ندا للمختار وقرنا له. فلما قدم مصعب البصرة دخلها متلثما فيمم الجامع وصعد المنبر، فقال الناس: أمير.. أمير، فلما كشف اللثام عرفه الناس، فأقبل عليه الناس، وجاء الحارث بن عبد الله فجلس تحته بدرجة، فلما اجتمع الناس قام مصعب خطيبا، فاستفتح القصص حتى بلغ (إن فرعون علا في الأرض وجعل اهلها شيعا) ، واشار بيده نحو الكوفة، ثم قال (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض). وأشار إلى الحجاز. وقال: يا أهل البصرة إنكم تلقبون أمراءكم، وقد سميت نفسي الجزار، فاجتمع عليه الناس وفرحوا به.
أما ابن الأشتر فإنه بعد أن هزم جند الشام وقتل ابن زياد، واستقل بتلك البلاد، وبسط نفوذه على أقاليم ورساتيق واسعة، استهان بأمر المختار، وقطع كل علاقة له به، مما أضعف من قوة المختار ومن أمر دولته ودعوته، وعرف عبد الله بن الزبير ما آل إليه المختار من ضعف وهوان. وبدأ أخاه مصعب أمير البصرة يثبت أركان دولة أخيه، ويفكر بالقضاء على خصومها، وكان يريد أن يبدأ بأضعفهم، وكان المختار الحلقة الأولى التي فكر مصعب في كسرها.
وبعث مصعب محمد بن الأشعث بن قيس إلى المهلب بن أبي صفرة، وهو نائب ابن الزبير على خراسان يستحثه للمجيء إليه. فقدم المهلب في جيش عظيم، ففرح به أهل البصرة، وتقوى به مصعب.


وأعد مصعب جيشه فجعل بين يديه عباد بن الحصين، وجعل على ميمنته عمر بن عبيد الله بن معمر، وعلى الميسرة المهلب بن أبي صفرة، ورتب الأمراء على راياتها وقبائلها، وأخذ الأمراء: الأحنف بن قيس، وزياد بن عمر، وقيس بن الهيثم أماكنهم تحت رايات قبائلهم.
وعندما علم المختار بقدوم ابن الزبير إليه، خرج بشيعته، فنزل المذار وقد جعل على مقدمته أبا كامل الشاكري، وعلى ميمنته عبد الله بن كامل، وعلى ميسرته عبد الله بن وهب الجشمي، وعلى الخيل وزير بن عبد الله السلولي، وعلى الموالي أبا عمرة صاحب شرطته. وخطب المختار بالناس وحثهم على الخروج، وبعث بين يديه الجيوش. وهو يبشرهم بالنصر.
وبالقرب من الكوفة التقت جموع مصعب بن الزبير مع كتائب المختار، التي لم تلبث إلا قليلا وفرت من أمام ابن الزبير، بعد أن قتل منهم جماعة من الأمراء وطائفة من شيعتهم.
ولما انتهت هزيمة أهل الكوفة إلى المختار، خرج المختار من الكوفة وقد ترك عبد الله بن شداد في القصر بعد أن حصنه، فنزل حروراء بمن معه، فلما قرب جيش مصعب منه، جهز إلى كل قبيلة كردوسا، فبعث إلى بكر بن وائل سعيد بن منقذ، وإلى عبد القيس مالك بن منذر، وإلى العالية عبد الله بن جعد، وإلى الأزد مسافر بن سعيد، وإلى بني تميم سليم بن يزيد الكندي، وإلى محمد بن الأشعث السائب بن مالك. ووقف المختار في بقية أصحابه.
واقتتل الطرفان قتالا شديدا إلى الليل، فقتل اشراف أصحاب المختار، وقتل محمد بن الأشعث وعمير بن علي بن أبي طالب. وتفرق عن المختار باقي أصحابه، فقيل له القصر القصر، فقال: والله ما خرجت منه وأنا أريد ان أعود إليه، ولكن هذا حكم الله. ورجع المختار حيث لم يجد أمامه إلا القصر فدخله وتحصن فيه.
وأطبق مصعب على الكوفة، وأحاط بقصر المختار، وشدد الحصار عليه، ومنع عنه الماء والزاد، وكان المختار يخرج من القصر فيقاتل مصعب ثم يعود إليه، ولكن الحصار طال، وضاق الأمر على المختار. فقال لأصحابه: إن الحصار لا يزيدنا إلا ضعفا، فانزلوا بنا حتى نقاتل حتى الليل حتى نموت كراما، فوهنا، فقال: أما فو الله لا أعطي بيدي، ثم اغتسل وتطيب وتحنط وخرج فقاتل ومن معه حتى قتل. واحتز رأسه وجيء به إلى مصعب بن عمير. وأمر بكف المختار فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد.
وهكذا انتهت أسطورة المختار الذي شغل دولة بني الزبير ودولة بني أمية لأكثر من سنتين، خاض فيهما العديد من المعارك الطاحنة التي أتت على الآلاف من الصحابة والتابعين والقراء ورواة الحديث وأشراف القوم وأمرائهم.

أباطيل ادعاءات المختار
يذكر الشيخ عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي، صاحب كتاب "الفرق بين الفرق": أن المختار بن أبي عبيد الثقفي هو رأس الفرقة الرافضة "الكيسانية" وأن المختار كان يقال له كيسان. وقيل: إنه أخذ مقالته عن مولى لعلي رضي الله عنه كان اسمه كيسان.
ومن أسجاع المختار قوله: أما والذي أنزل القرآن، وبين الفرقان، وشرع الأديان، وكره العصيان، لأقتلن البغاة من أزد وعمان، ومذحج وهمدان، ونهد وخولان، وبكر وهزان، وثعل ونبهان، وعبس وذبيان، وقيس وعيلان. ثم قال: وحق السميع العليم، العلي العظيم، العزيز الحكيم، الرحمن الرحيم، لأعركن عرك الديم، أشراف بني تميم.
ومن بطلان دعائه أنه يدعو لآل البيت أنه حال دون مجيء محمد بن الحنفية إلى العراق.
يقول البغدادي: ثم رفع خبر المختار إلى ابن الحنفية، وخاف من جهته الفتنة في الدين، فأراد قدوم العراق ليصير إليه الذين اعتقدوا إمامته، وسمع المختار ذلك، فخاف من قدومه العراق وذهاب رئاسته وولايته، فقال لجنده: إنا على بيعة المهدي، ولكن للمهدي علاقة، وهو أن يضرب بالسيف ضربة فإن لم يقطع السيف جلده فهو المهدي، وانتهى قوله هذا إلى ابن الحنفية، فأقام بمكة خوفا من أن يقتله المختار بالكوفة.
واستمر المختار ينادي باسم هذا الإمام الجليل - ابن الحنفية - وأخذ ينشر أوهاماً بعد ذلك، فأعلن ابن الحنفية البراءة من المختار على الملأ من الأمة، وعلى مشهد من العامة عندما بلغه أوهامه وأكاذيبه، وعرف خبئ نياته. ولكن مع تلك البراءة تبعه بعض انصار العلويين لشدة رغبتهم في الانتقام لقتل الحسين رضي الله عنه، ولقد كان يسجع سجع الكهان، ويدعي أنه يخبر عن المستقبل.
وادعى المختار النبوة عند خواصه، وزعم أن الوحي ينزل عليه، وسجع بعد ذلك فقال: أما وممشى السحاب، الشديد العقاب، السريع الحساب، العزيز الوهاب، القدير الغلاب، لأنبشن قبر ابن شهاب المفتري الكذاب، المجرم المرتاب، ثم ورب العالمين، ورب البلد الأمين، لأقتلن الشاعر المهين، وراجز المارقين، وأولياء الكافرين، وأعوان الظالمين، وإخوان الشياطين، الذين اجتمعوا على الأباطيل، وتقولوا على الأقاويل، وليس خطابي إلا لذوي الأخلاق الحميدة، والأفعال السديدة، والآراء العتيدة والنفوس السعيدة.
ثم خطب بعد ذلك فقال في خطبته: الحمد لله الذي جعلني بصيرا، ونور قلبي تنويرا، والله لحرقن بالمصر دورا، ولأنبشن بها قبورا، ولأشفين منها صدورا، وكفى بالله هاديا ونصيرا.
ثم اقسم فقال: برب الحرم، والبيت المحرم، والركن المكرم، والمسجد المعظم، وحق ذي القلم، ليرفعن لي علم، من هنا إلى اضم، ثم الإكناف ذي سلم.
ثم قال: أما ورب السماء، لتنزلن نار من السماء، فلتحرقن دار أسماء، فأنهى هذا القول إلى اسماء بن خارجة. فقال: قد سجع بي أبو إسحاق وأنه سيحرق داري، وهرب من داره، وبعث المختار إلى داره من أحرقها بالليل، وأظهر من عنده أن نارا من السماء نزلت فأحرقتها.
أما الحافظ بن كثير فيقول في كتابه "البداية والنهاية" عن المختار بن أبي عبيد: كان ناصبيا يبغض علي بغضاً شديدا، وكان عند عمه في المدائن، وكان عمه نائبها، فلما دخلها الحسن بن علي رضي الله عنه خذ له أهل العراق وهو سائر إلى الشام لقتال معاوية بعد مقتل أبيه، فلما أحس الحسن منهم بالغدر فر منهم إلى المدائن في جيش قليل، فقال المختار لعمه - كان أميراً على المدائن -: لو اخذت الحسن فبعثته إلى معاوية لاتخذت عنده اليد البيضاء أبدا، فقال له عمه: بئس ما تأمرني به يا ابن أخي.
ويتهم المختار بالكذب فيقول: كان كاذبا يزعم أن الوحي يأتيه على يد جبريل. قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير حدثنا عيسى القارئ أبو عمير بن السدي عن رفاعة القبابي قال: دخلت على المختار فألقى لي وسادة وقال: لولا ان أخي جبريل قام عن هذه لألقيتها لك - مشيرا إلى وسادة أخرى- وقد قيل لابن عمر: إن المختار يزعم أن الوحي يأتيه، فقال صدق، قال تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم). وكان المختار يظهر التشيع ويبطن الكهانة، وأسر إلى أخصائه أنه يوحى إليه، ولكن ما أدري هل كان يدعي النبوة أم لا ؟.
ويروي مؤرخو الشيعة وعلمائهم عنه:
"لم يكن المختار بن أبي عبيدة حسن العقيدة، وكان مستحقّاً لدخول النار، وبذلك يدخل جهنم، ولكنه يخرج منها بشفاعة الحسين عليه السلام، ومال إلى هذا القول شيخهم المجلسي، واستند القائل بذلك إلى روايتين، الاولى: ما رواه الشيخ باسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسى، عن بعض من رواه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال لي يجوز النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلم الصراط، يتلوه على، ويتلو عليا الحسن، ويتلو الحسن الحسين، فاذا توسّطوه نادى المختار الحسين عليه السلام: يا أبا عبد اللّه إني طلبت بثأرك فيقول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله للحسين عليه السلام: أجبه فينقض الحسين في النار كأنه عقاب كاسر، فيخرج المختار حممة ولو شقّ عن قلبه لوجد حبّهما في قلبه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق